«صـــــناعة الأزمـــــات والفوضى الهــــدّامة» في محاضرة فكـــــرية

العدد: 9314

18-3-2019

 

ما يجري اليوم على امتداد الساحة العربية، من دول الخليج العربي، إلى العراق واليمن، ليبيا، السودان، الصومال،… ودول المغرب العربي، مروراً بسورية ولبنان، الأردن ومصر، ولم يسلم منه بلد عربي واحد، هل كان هذا وبتوقيت واحد صدفة؟ والتاريخ لا تحرّكه الصدفة، وبالتالي يجب أن ننظر إلى ذلك، إلى ما كان مستوراً في الخفاء، وأصبح واضحاً جليّاً في العلانية في تطابق المشروعين: الأمريكي والصهيوني في مشروع إمبريالي صهيوني واحد، ينصبّ بالسيطرة على العالم بشكل عام، والهيمنة على الوطن العربي بثرواته النفطية وموقعه الاستراتيجي المتميز بشكل خاص، بهذه المقدمة استهلّ الأستاذ عبد الوهاب زيتون محاضرته التي حملت عنوان: (صناعة الأزمات والفوضى الهدّامة) وذلك في صالة الجولان بمقر فرع اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية، ونظراً لأهمية المحاضرة نسلّط الضوء على أهم ما جاء فيها من محاور وأفكار وقضايا أغنت موضوع المحاضرة…
بداية، حدّد زيتون أن هذا الأمر كان إثر تفكك الاتحاد السوفييتي عام /1991/ وسقوط ما عرف بـ (توازن الرعب أو توازن القوى)، مع انكشاف الساحة العالمية عموماً أمام الولايات المتحدة الأمريكية مع شريكها الكيان الصهيوني، وقد أخرجا بعدها بمكر ودهاء ما أطلقوا عليه من سحرهما بأحداث (الحادي عشر من أيلول لعام 2001) إلى المشاركة بينهما في الحرب على الإرهاب، والحروب الاستباقية، والشرق أوسط الجديد إلى الشرق أوسط الكبير، وليس آخراً إلى ما أطلقوا عليه بصناعة (الفوضى الخلّاقة) لأنها تخلق الشروط المؤاتية لاستكمال مشروعهم المشترك، فحيث تتجه الأساطيل الحربية العملاقة وحاملات الطائرات و.. هناك النفط وثروات يتم نهبها وابتلاعها، وحيث هناك حروب وأزمات وفوضى هدامة وبؤر ساخنة نجد هناك أخطبوط الشر الأمريكي الصهيوني، نجد (شيلوك) هذا العصر بامتياز والإمبريالية الأمريكية الصهيونية توقد حروبها في أمكنة لا محصورة، ولا ممنوعة في الوطن العربي والعالم، وإمبراطورية الشر هذه تهيئ لحروبها من خلال ما تملكه عبر عقود من الزمن من إمبراطورية مخابراتية، مؤامراتية، تنتشر خلاياها الإجرامية السرطانية على كافة خطوط الطول والعرض، ومهامها الأساسية تنصبّ على جمع المعلومات والإحصائيات عن التركيبات السكانية والاقتصادية والدينية والإثنية العرقية، والقبلية والمذهبية الإسلامية والمسيحية، وأنظمة الحكم ونحوها، ثم تستخدم كل ذلك في الوقت المناسب كخمائر في صناعة الأزمات والبؤر الساخنة، ثم الوصول بها إلى نقطة الغليان، فصناعة الحروب الأهلية إلى صناعة الحروب الطاحنة كي تدور وتعمل آلة الحرب، وتزدهر صناعة الأسلحة الفتّاكة، وإيجاد المزيد من أسواق التصريف لها، من الحروب التي تبتلع كل ذلك بنهم شديد، مع ما في ذلك من ثراء غير محدود للمؤسسة الإمبريالية الصهيونية التي ترقص فرحاً على دوي المدافع وانفجارات الحروب وشلالات الدماء، أما صناعة الذرائع فهي متقنة جداً ليس أقلها (الحريات وحقوق الإنسان والإصلاحات والديمقراطيات ونحوها) على أجنحة قاذفات الفانتوم مع حاويات القنابل الذكية ناهيك عن ذريعة تخليص الشعوب من الأنظمة الشمولية أو المستبدّة، أو ذريعة الحرب على الإرهاب التي قد تطول وتمتد على امتداد العالم كله، وهذه الذرائع تحت غطاء مجلس الأمن الدولي السيء الصيت وبموجب القرار /1973/ دفعت إمبراطورية الشر إلى تجييش حاملات الطائرات الأطلسية على ليبيا، وتساءل المحاضر: لماذا لا تحرك تلك لإنقاذ فلسطين وقطاع غزة حيث هناك مسالخ بشرية صباح مساء على مرأى ومسمع من العالم أجمع؟!

وأضاف زيتون: هناك إمبراطورية إعلامية معقدة جداً تديرها الوكالة المركزية الأمريكية مع الموساد الصهيوني والأوكار الماسونية في العالم تتجاوز بحدودها أمريكا وأوروبا، وتدفع لها بسخاء وتعمل بكافة اللغات، ومنها ما يوجد على الأرض العربية وتحت جلباب العربية كل ذلك بغرض صناعة رأي عام عالمي، ورأي عام عربي ومحلي يتقبل ما تروجه الإمبريالية الصهيونية من أهداف نبيلة ومهام إنسانية (كما تدّعي) مهما كانت الأغراض والوسائط بشعة ودنيئة عبر صناعة إعلامية متقنة تعتمد التشويق والإثارة والإخراج والجذب ومذيعات عارضات مع صناعة الكذب والخداع والتضليل، مع التركيز والتكرار والتخدير والتهويل والتضخيم للحدث المحاط به، بحيث تجعل من اللامعقول مقبولاً، بل ومطلوباً! وفي الواقع كل ما يجري على امتداد الساحة العربية هو ضمن الأجندة الأمريكية الصهيونية مسبقة الصنع، واستعرض المحاضر بعض الأحداث الي تؤكد هذا الكلام.
كما استعرض البروتوكول السابع والسادس لحكماء صهيون المكتوب منذ ما يزيد عن مائة عام بحرفية اللفظ: علينا أن نخلق الهزات العنيفة لدى الغويم- أي لدى غير اليهود- وإثارة الضغائن والأحقاد وإيقاد الحروب وصناعة الأزمات والمؤامرات والحروب الأهلية الطاحنة، وعلينا حشد الثروات وإنشاء أجهزة احتكارية ضخمة للسيطرة على ثروات الغويم، مع إلهائهم بالترف والفنون وعبادة الأناقة والجنس والخمور والتدخين والابتكارات والمسابقات لكل ما هو تافه وجديد ورخيص، وختم المحاضر (عبد الوهاب زيتون) محاضرته قائلاً: يتوجب علينا جميعاً الارتقاء فوق كل الخلافات، والتسوّر بأمننا القومي العربي، بوحدتنا الوطنية في كل بلد عربي، وعلى امتداد الوطن العربي، وما يجمعنا من عيش مشترك ووطن وعروبة ودين وتراث ووجع أكثر بكثير مما يفرقنا، والمقاومة اليوم مقاومة الاحتلال هي جوهر وجودنا، فلتكن هي الشغل الشاغل لنا كقضية قومية وأخلاقية نتوحد عليها.

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار