الوحدة 10-10-2021
سجّلت إعجاباً بمغامرٍ يقود سيّارة دفع رباعيّ نحو الوراء بسرعةٍ تنتزع من الإسفلت لونه, فشعرت وكأنّني أسترجع نهاية سعيدة لرحلةٍ طالما تمنّيت دوام لحظاتها, ثمّ انتابني إدراك الزمن للوراء, فمررت على سنوات عمري, علّني أمسك بالغصن الذي يمتد من ذلك الماضي إلى هذا الحاضر.
بمنتصف الطريق، استوقفني (أفلاطون) بفضائل جمهوريته, اعتذرت لعجلة من أمري, فورائي خطوات أخطوها, طالما أنني رغبت في أن أكون لعصر مضى صياداً أو فارساً أو مزارعاً, وربما أكون صانعاً ماهراً، لكنّني وجدت نفسي موظفاً ضئيلاً يقف على شرفة قصر سيده, يتأمّل أكواخ القش والطين, مع أن أصحابها ماهرون في بناء القصور… يا للمفارقة! موظّف مثلي لا يصلح إلا موظفاً في عصر آخر؟!
كان المشهد من البشاعة التي اضطرّتني للانتقال إلى نافذة صغيرة جانبيّة, لأرى جيشين يدنوان من بعضهما للحرب, انطلقت لمنع حدوث الكارثة, لكنّ انشغال القائدين في نقاش جانبيّ بينهما منعني من الوصول, فوقفت في مكاني أرقب المتحاربين، كان التحامهم أشبه بمن يوسّع مساحات القبور ليس إلّا.
هكذا هي الحروب, فمن الصّعب أن يفهمها البسطاء!
عدت للواقع بحّار متهم بسرقة ماء البحر, وبحوزتي بقايا أمنيات الدفع الخلفي, وفي مظهري متّسع للقشّ والطّين, وحولي مجموعة من الناس تعلو أصواتهم بعبارات الاطمئنان والسلامة.
واحد من هؤلاء فقط كان يردّد: إنها سيارة دفع رباعي صدمته ومضت تكمل سرعتها، ربما لاستقدام عربة إسعاف؟!
قهقه الحاضرون بغرابة ثم انصرفوا, لأجد نفسي وحيداً إلا من جروحي التي انطفأ بعضها وتحرك بعضها الآخر.
سمير عوض