رائحة الخبز.. رائحة الأرض!

الوحدة: 5-10-2021

يرتد طيفك عندما تنكسر أصابع الريح.. فوق ذلك المدى المبعثر على ضفاف العدم يشتد صهيل الزوابع.. (الحرب غفوة، حالة سبات للحضارة البشرية)..
متى تصحو من غفوتها؟ وإلى متى هذا السبات؟!
هي الكثبان التي تحول بينك وبين من تركتهم حيارى على قارعة الانتظار..
تتودد إلى المراكب أن تعود.. كم من الدهور ستبقى مرمياً، هناك فوق شواطئ غربتك الموحشة؟.
أما زلت مكللاّ بالشوق إلى منارات على وشك أن تغرق سفينتك بين أمواجها الباهتة كفجر أغبر؟!
العابرون يمضون كالبرق، وليس لهذا اليتيم من يمنحه ولو ابتسامة صغيرة..
تلك المراكب قد أقلعت ولا من ينتظرك بعد الآن..
×××
أكليلٌ لروحك، وإكليلٌ لذلك الرأس المسكون بأحلام النسور.. غداً تفرد جناحيك (وليس لطائر الزمن سوى القليل من الوقت، كي يرفرف بجناحيه)..
تبتعد الأرض، تكاد أن تنفجر.. هذا القليل من الزمن يتبدد كغيوم بيضاء.. والحرب ما تزال رحاها تدور.. وتدور.. وتدور.
لقد اقتضت الكثير.. الكثير من طيور النهار..
هناك، عند بحيرات الخريف الساكنة تتبدد شلالات الضوء، وما زال أمامك ليل طويل وهذا الوقت على وشك الذبول.. أي سبات يليق بالذين قتلوا من أجل شربة ماء؟!
يحق له أن يصف الحرب على سوريا بأنها (أغرب حرب في التاريخ) لأنها استقطبت قطاع الطرق والمرتزقة من أصقاع الدنيا للدفاع عن حرية الأوطان والشعوب.
×××
(انتشروا في صخب أيلول، وضيعوا جميعاً في حفيف الخريف.. تجددوا أو تكسّروا) تحت ضربات حبات البرد..
كلّما اقترب شتاء.. أغلق خريف بابه، وراح يتسول فتوة يباسه..
أيها الخريف، إذا ما أغلقت نافذة بيتك، كيف ستنام وحيداً في العراء؟!
×××
ذات صباح منسي، وفي غفلة من صقيع، تفتحت وردة الشتاء.. وقبل أن تستيقظ على هدير الموج.. تسلل إلى مخدعها (اللص) المطر.. سرق عطرها، ونثره على قمم الجبال..
×××
مثل حبة مطر اغتالتها رصاصة طائشة، قبل أن تصل قطرة المطر إلى ثغر ذلك الجندي الرابض على حدود الليل.. أصابها سهم طائش، فَهَوَتْ كعصفورة تحت شجرة القمر.. مثل غيمة انكسر جناحاها، فتوقفت عن الطيران إلى ما بعد الشواطئ.. مرغمة، حطت على أغصان البحر.. مسكينة تلك العصفورة.. كم كانت تشتاق الوصول إلى أعشاش أهلها المنتظرين رجوعها هناك على مصاطب بيوتهم الشبيهة بالكهوف.. مثل غيمة فقدت سمْتَ الجهات.. مثل غيمة نامت على كف جرح.
×××
(رائحة الخبز، ورائحة الأرض.. هاتان الرائحتان ألطف وأنبل روائح الكون) وقبل أن تضيف، ورائحة دم الشهداء، أيضاً تعطر التراب وتندي الأزهار، وتمدَّ الشفق بلون الشقائق داهمك الموت أيها الراحل سعد الله ونوس.
ولكنك لم تنسَ ما قلته عن (الخصومات والفتن والحروب، كلّها ألوان من التجارة، لكنها تجارة خرقاء، لا يعرف القائمون بها أصول التجارة، ولا يتحلّون بفضائل التجار).
×××
الورقة السابقة لـ (أمل دنقل) كنت في كربلاء، قال لي الشيخ إن الحسين قتل من أجل شربة ماء.
قالت الوردة: خذ عنقي ودع لي العطر.. خذ رأسي ولا تطالبني بالانحناء.
بديع صقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار