الوحدة : 4-10-2021
هل دار بخلدك- يوماً- أن تتصور الحياة غولاً كما في حكايات الأطفال، يستطيع أن يلحق بك أينما كنت، وأن يصلك أنى اتجهت، أو حللت، كما لو أنه روح ساحرة شريرة، أو عفريت يطلع إليك من كل جهات الأرض؟
هل فكرت يوماً كيف ستكون عليه الأيام في عز الوجع، الجوع، أو حتى الشبع الوهمي؟
لابد وأنك أصبت بخيبة وأنت تقلب دفتر أيامك المكتوب بلغة القهر.. بعيداً عن طهر الأمنيات، حيث الألم، وحيث العهر، المتربصان بكل خطى نخطوها في رحلتنا العمرية، وما قسم لنا من أنات!
الرأس مثقلة بهموم تزداد كل آن، تكبر مثل كرة الثلج.. ريح عاصفة تدفعنا حيناً،
تذرينا، تجرجرنا أحياناً، تجعلنا (نكرج) بتثاقل كإطار مثقوب… تتأمل الوجوه.. شاحبة، تعلوها صفرة سغب، أو زرقة برد، يتهيأ شتاؤه ليذيقنا دروسه القاسية هنا وهناك، حيث التل يناجي الجبل، يلوح للسهل، والكل سواء!
الكل يرتدي ثوب الألم، من أعلى ذؤبة الرأس حتى القاع، لا شيء يبسم لبياض الثلج القادم من شرق الأيام.. لا أحد تشرق في وجهه ملامح طفل فاز بقطعة حلوى خبأها له حلم العيد..
كبر هذا الطفل.. كبر بلا حلم.. أو عيد..
كبر.. شاخ.. هرم.. صار حكيماً.. نطق بالحكمة..
إذ قال: كل يوم تعيشه هو مدخل لتجربة شخصية، اجتماعية، أو ثقافية تمدك بمخرجات تترى..
تتوالى.. كانت الحكمة أكثر ما تتجلى لدى كبرائنا في السن أو التجربة، ولذا فإن الحياة تجربة وخبرة دائمتان، وفي قرارة أنفسنا نقول: الحياة علمتنا بعدم الوثوق بأشخاص كنا نظنهم أن لا فراق بيننا وبينهم.. لكنا فوجئنا أن لا تلاقي..
وأن الكثيرين ممن أبرزناهم، أظهرناهم أخذنا بأيديهم أعلناهم، أعليناهم كشموس وضاءة نسوا.. زادوا في النكران وتجاهل وئام وحتى سلام..
مع ذلك كل سهل.. لكن الأصعب شعورك يا إنسان بالراحة لصدر ما تلبث أن
تصفعك بكفها الحياة، تصدمك حقيقة مرة
أن ذلك كان مثل سراب!
خالد عارف حاج عثمان