الوحدة 26-9-2021
جاء الخريف والزيتون مبشرين بموسم جديد فيه بعض الرزق والعيش.. هو ما جاء على لسان السيدة وداد والتي تصنع مؤونة الشتاء للجارات وتقطع الخضار وأدخلت على شغلها منذ ثلاث سنوات فقط رص الزيتون, واليوم بدأت أول وجبة لجارتها أم مهند ب30 كغ, تقول: والوجه ضاحك لزائريها:
كان زوجي رحمه الله يقول لمن يتزوج مازحاً (كل ما رصيتها بتحلّى متل الزيتون) وأنا وجدت رزقي الأحلى برص الزيتون لجاراتي الموظفات في البناية وبعض عيش كريم, صحيح أن الجلوس الطويل يرهقني, وتتيبس قدماي لكنه أخف وطأة من شغل المؤونة التي تحتاج للموقد والنار, لا شيء يأتي دون تعب وشقاء في هذه الأيام الموجعة, كما لا أحتاج لأدوات ولا أريدها فقط يكفيني قالب (المعمول) الذي كان موضوعاً على الرف لم أستخدمه منذ سنوات لهذه الصناعة (الحلوى) التي بطلت في معظم البيوت بسبب الغلاء وباتت من الكماليات وللرفاهية, يشتريها الأولاد في المناسبات السعيدة وأعياد الميلاد فلا قدرة لنا عليها ولوازمهم للمدارس كثيرة, كما أن بإمكان الأولاد مساعدتي بعض الأحيان في رص الزيتون فلا تحتاج لمهارة وشطارة بينما لا يقدرون على مساعدتي في شغل المونة التي تتطلب بعض الترتيب والنظافة والمهارة والذوق الرفيع.
من رص الزيتون وليس كل يوم يأتيني 4-5 آلاف ليرة والحمد لله هو موسم شهر، أو أكثر يزيد علي الشغل فيه ولي ناسي وأحاول أن أحافظ عليهم، وكسبهم وقد زادوا اليوم, وأحصل على مؤونتي من الزيتون من الجارات كلما رصصت الزيتون لإحداهن تغرف لي بيديها كمشتين وحفنتين وقد تزيد هذه المكاييل بعد جمعها. فأعصرها وأخرج منها زيتاً, فليس عندي أراض وأملاك سوى هذا البيت وعلى الهيكل, والحمد لله أتدبر أمر مونة الشتاء .وجارتها أم مهند التي صادفتها عندها قالت : أفضل أن ترصّ باليد وليس الآلة, فقد جربتها منذ سنتين، فتغير لون حبات الزيتون واسودت كما أن جوفها تهشم وتكسرت بذورها, فلم يعد لها لونها الأخضر ولا طعمها ومذاقها, وليس لدي الوقت لأرص زيتوناً ولا أستطيع، فابنتي صغيرة عمرها سنة ونصف فقط وأنا مدرسة ولدي طلابي بعد الدوام للدروس الخصوصية, كما أن أم جعفر تقوم بهذه الأعمال وشغلها جيد ونظيف ولا تكلّف غير القليل (الله يعطيها العافية ويقويها).
هدى سلوم