الوحدة: 20-9-2021
المقابر هادئة على الرغم من ازدحامها، هي متحف هائل مفتوح على التأمل..
ما بين كل عدّة قبور متواضعة هناك قبر متفردّ بفخامته، وكأنه يقول: سررتُ ناظريك.. ادعُ لي بالرحمة، ولا تنسى أن تمدح الموت كما تمدح الحياة..
ولأن الانتقال بين القبول ليس سهلاً، كنت أنادي على طريقتي للأصدقاء والأقارب الذين رحلوا، وكان يغمرني إحساس خاص بأنّهم يسمعوني، فمن يجيد الصمت يجيد الإصغاء!
في كل زيارة، اسمع موسيقا خاصة تهتزّ لها أغصان الشجيرات الموزعة هنا وهناك، فينهض من الأرض غبار خفيف يكاد يصل حلقي، فتدمع عيناي، لكنها دموع صلبة تشكل إطاراً لمشهد ذكريات عزيزة، فأتشجّع وأضيف لها بعض الملامح والحوارات الجديدة، فتسكنني راحة ما بعدها راحة!
لا أدري من أين تتدفق مبرراتي في تقصير أحدهم حين كان على قيد الحياة، ولا أدري كيف أتجاوز أخطاء بعضهم التي كنت أظنّ أنها لا تُغتفر!
جميعهم الآن توقف زمنهم، وكذلك وقتي الذي أمضيه هنا، حتى لا أكاد أشعر بوجودي، لولا رنين هاتفي النقّال الذي تتسابق مكالماته في السؤال عني!
فأجيب كصحوة مفاجئة: أنا موجود في بيتي الآخر!
سمير عوض