الوحدة 19-9-2021
تتسارع إنجازات الثورة الرقمية في عالم التكنولوجيا بشكل محموم لتقدم كل صباح العجب العجاب، الأمر الذي يغيّر المعطيات المتوفرة بين يدي الإنسان، لتساهم بشكل حتمي في تغيير مزاجه واهتمامه في أحايين كثيرة، فتغيب أو تكاد أشياء كانت في الأمس القريب الأقرب إليه.
ولعل الإذاعة كانت الخاسر الأكبر في سيرورة التطور التقني تلك، ابتداء باختراع التلفزيون، وليس انتهاء بصرعة الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث استولت هذه الموضة الحديثة على عقول غالبية أهل الكوكب الأزرق.
كان المذياع من أهم دلالات الزمن الجميل، يجتمع حوله الأهل والأصحاب لسماع البرامج المميزة والأغاني الجميلة، والاطلاع على آخر ما يدور في العالم من أحداث.
كان صديق السهر والسمر للجميع.. يلتصق به كل باحث عن أنيس تطيب في حضرته الحكايات والثرثرات.. الموسيقا وأخبار الناس حول العالم.
بالرغم من ابتعاد هذا الجهاز الجميل عن الصدارة إلا إنه ما زال ذلك الخليل الوفي للبعض ممن يخصصون دائماً بعض الوقت للجلوس إليه والاستمتاع مليّاً بحضوره الآسر واللطيف.
ربما الجيل المستجد لا يهتم به، وربما لا يعرف عنه الكثير، إلا أن ذلك لا ولن يلغي حضوره الراقي بظله الظريف، صديق يطوي في جعبته كل ما لذ وطاب من تسلية ومتعة وثقافة، ليبقى في كل زمان ومكان ذا نكهة مميزة، اختص بها عن سواه، تمنحه عنواناً أبدياً لزمن جميل تستحضره الذكريات بكثير من الحنين بكثير من الشوق.
وفي جريدتنا مؤخراً استرجعنا ذكريات الإذاعة مع نخبة من الإعلاميين القديرين وكان لهم حضورهم الآثر وصوتهم الدافئ ليحدثونا عن ذكريات الإذاعة وتفاصيل غابت عن معظم مستميعها فكان طيب الكلام عنوان اللقاء وحميمية النبرة السائدة مع ضيوفنا التي لا تُنسى.
نور محمد حاتم