الوحدة 17-9-2021
الشعر هو لسان الأمة ومرآة ثقافتها وصورة واقعها، والأمم الحيّة هي التي تحيي إبداعات مبدعيها، وتتغنّى بما قدّموه، وتخلّد ما أضافوه، وهذا ما يلحظه الناقد المتابع حركةَ الإبداع في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذ يلمس جليّاً هذا الاهتمام الكبير الرّسميّ والشّعبيّ، فلا يمرّ مولد شاعرٍ ولا وفاة مفكّرٍ من دون أن تكون هنالك احتفاليّةٌ تقام ضمن المراكز الثقافية الإيرانية المنتشرة داخل الدولة وخارجها.
ولا ينكر أحدٌ أنّ الشعر الفارسي قد وصل إلى العالمية، وترجم إلى معظم لغات العالم، فنهلت العربية من عظمة شعر جلال الدّين الرومي الشيء الكثير، وترجمت مؤلفات حافظ الشيرازي إلى الإنكليزية والفرنسية والألمانية والعربية، ودوّنت أشعار سعدي الشيرازي على جدران الأمم المتحدة، إذ عدّ مدرسةً قائمة بذاتها، و أباً للنثر الفارسيّ، لذلك تأهل ليكون رمزاً للمحبّة الإنسانيّة، واستحقّ أن يزيّن مدخل مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك بأبياته الشهيرة التي تدعو إلى الإخاء والمحبة والألفة والاتّحاد؛ يقول في مطلعها:
الناس كالأعضاء في التعاضد لخلقهم كنه من طين واحد
إذا اشتكى عضوٌ تداعى للسّهر بقيّة الأعضاء حتّى يستقرّ
وتستمرّ قافلة المبدعين الإنسانيين ليقف قطار الإبداع عند محمد حسين شهريار الذي يوافق يوم وفاته في الثامن عشر من أيلول اليوم الوطني للشعر والأدب الفارسيّ.
ومحمد حسين بهجت تبريزي المعروف بـ(شهريار) أمير الأدب والشعر الإيراني المعاصر، وقد تفتّحت قريحته الشعريّة على سفوح جبل (حيدر بابا)، هذا الجبل الذي ألهمه قصيدته الرائعة (حيدر بابايه سلام) ، وهو في سنته الرّابعة عشرة.
لقّب نفسه باسم (بهجت)، وعندما انتقل إلى طهران حظي باهتمام وإطراء شديدين من قبل النقاد الإيرانيين؛ إذ صنّفته جامعة تبريز من حرّاس الشّعر.
يتسّم أسلوبه بالكلاسيكيّة، وتوصف صوره بأنّها موحية يغلب عليها التجديد، ويوسم خياله بالخصوبة والتحليق.
خلّف الرجل ديواناً شعرياً ضمّ (15) ألف بيتٍ شعريّ، وتوفّاه الله في الثامن عشر من أيلول عام (1987م)، ودفن في مقبرة الشعراء بتبريز، إلى جانب عظماء الشعر الفارسيّ.
وتكريماً لمكانته الرفيعة بادر المجلس الأعلى للثورة الثقافية إلى إطلاق اسم اليوم الوطني للشعر والأدب على يوم وفاته.
د. صفوان سلّوم