تظاهرة الفن التشكيلي في صحيفة الوحدة (8) الفنان التشكيلي بولس سركو: أوغاريت مهد الفنّ السوري الأكثر عفوية ونقاء
الوحدة : 15-9-2021
الإبداع موهبة محقونة بالإحساس والرؤية, يزداد توهجها وألقها تبعاً للحالة النفسية للإنسان ،فكيف إذا كان فناناً ومبدعاَ مؤمناً بدوره ورسالته في المجتمع مرتبطاً ببئيته وتراث وطنه ومتّوجاً إبداعاته في حضور لوحات وأعمال هي انعكاس لأحاسيسه ومكنوناته الذاتية .. وقفنا اليوم مع فنان بطاقته الفنية هي الإبداع وخلق كل جديد يعبّر عن فلسفته برؤى إبداعية من خلال لوحاته التشكيلية المتنوعة .. إنه الفنان التشكيلي بولس سركو عضو اتحاد التشكيليين السوريين حاز على جوائز كثيرة وشهادات تقدير عديدة , كتب في الصحف السورية وشارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل القطر وخارجه وقد توجهنا إليه بجملة من التساؤلات حول الفن التشكيلي فأجابنا مشكوراً بما يلي:
– ما هو جديد الفنان بولس سركو؟ وكيف يتم اختيار موضوع اللوحة ؟ وهل للتمازج اللوني دوراً في ذلك ؟
الحقيقة أنني أشتغل ضمن مشروع واسع ومتكامل هو شاطئ البحر بما يتضمن من عناصر جمالية القوارب الصيادين النوارس حركة المياه والمدى.. لذلك المواضيع كثيرة في هذا الاتجاه ولا أبحث عنها بحثاً فهي تحضر إلى مخيلتي من تلقاء نفسها .فعلى سبيل المثال لوحتي الأخيرة التي أعمل عليها تكونت صورتها في مخيلتي وأنا أستمع لأغنية ( يا محلا الفسحة ) وعلى الفور بدأت بالتنفيذ على قياس 100/ 80 سم وهي مزيج من الواقعية والسريالية ففي المقدمة طاولة خشبية معتقة عليها كأس عرق ونفايات سجائر وفي نهاية منظور الطاولة تلاشي في البحر المتأثر بضوء القمر وقارب قديم معطوب تمر من جانبه حورية بحر تحمل فانوساً وهي قادمة نحو الكأس . وبالنسبة للجزء الأخير من السؤال حول علاقة التمازج اللوني بالموضوع أقول طبعاً هناك علاقة بلا شك ولو أن الفن المعاصر يترك الأمر لمزاجية الفنان في لحظة الدفق الإبداعي .
– ما هي المتاعب والصعوبات التي تواجه الفنان في عمله التشكيلي؟
المتاعب اليوم هي جزء من متاعب عموم الناس، فغلاء أسعار مواد الرسم تشكل العائق الأكبر وتهدد بالتوقف عن الشغل في نهاية المطاف يضاف إلى ذلك انشغال الفنانين كغيرهم من البشر في البحث عن رغيف الخبز والوقود وغيرها من الهواجس التي تشغل العقل طوال الوقت ولا تترك فيه مساحة خضراء للتفكير بالخلق الفني .
– دور الفنان التشكيلي ومساهمته ورسالته في الحركة التشكيلية :
سؤال صعب وذلك لأن المفاهيم الجمالية الغربية التي سيطرت على عالم الفن التشكيلي منذ ثمانينات القرن الماضي خلقت نوعاً من القطيعة الشاذة بين الفنان والمجتمع الذي يعيش فيه وعززت فردية الفنان وعزلته وأبعدت عن الفن بالكامل صفة الرسالة الفنية. فالفنان اليوم يتباهى بقيم الجنون مثلاً ويشعر بالخجل من قيم الرسالة يستمتع بالعبث ويغتاظ من القضايا المجتمعية وهذه لعبة خطيرة جداً ومتعمدة لعبتها أوساط سياسية غربية لفصل الفن عن قضايا المجتمع ودرجت على إيقاعها أجيال متعاقبة دون مراجعتها نقدياً والحقيقة أنه من المخجل جداً أن لا يثير الفنان السوري كل الذي حدث في البلد ولا يعبر عنه فنياً..
-كيف تسهم المعارض التشكيلية في دعم وتطوير المشهد التشكيلي بشكل عام ؟
المعارض طبعاً هي جوهر التطوير فبدونها لا يمكن تقديم صورة شاملة عن تطور الحركة التشكيلية فهي ليست مجرد يتابع مدى تقدم مسار كل فنان بل أيضاً مرصد لمتابعة الحضور الجماهيري.
-علاقتك بالتراث الأوغاريتي؟
من وجهة نظري أوغاريت هي مهد الفنان السوري الأكثر عفوية ونقاء ففيه اختزال وتبسيط مذهل من حيث الخطوط وفيه تناغم مدهش بين العناصر بالإضافة إلى قوته التعبيرية وكلها مغريات للبحث الفني واستنباط قواعد محدثة منه وهو ما فعلته .
– أحياناً يقع الجمهور في حالة عدم فهم اللوحة .. ما السبب في ذلك ؟
السبب أن الفن التشكيلي سبق الزمن الذي يعيش فيه المواطن .
– ما رأيك بالحركة التشكيلية حالياً في اللاذقية ضمن الظروف الراهنة؟
أعتقد أن الحركة التشكيلية في اللاذقية تطورت كثيراُ من حيث التقنيات ولم تتطور قيد أنملة من حيث المفاهيم الجمالية التي نشأت عليها شأنها شأن الحركة في سورية عموماً فهي لم تزل تتلقن المفاهيم الغربية ولم تتمكن من خلق حالة سيادية نابعة من ذاتها .
ندى كمال سلوم