الأديب: علي ديبة: كل نصّ إبداعي يعكس نوعاً من الارتقاء الثقافي

الوحدة : 15-9-2021

 

 

الخبرة في الكتابة تأتي في إيمان الكاتب العميق بما يكتبه، وبما يقوده إليه خياله لكي تصل كتابته إلى القارئ وتمتعه وتترك فيه أثراً ما يهمه.
فكيف إذا كان الكاتب يتقن فنون الكتابة من الرواية والقصة القصيرة، المسرح، الشعر، المقال وأدب الأطفال؟ وكيف إذا اتسمت تلك الكتابة بالشفافية وصدق وقوة التعبير بغلالة الأدب الساخر المؤثر؟! إنه الأديب علي ديبة، عضو اتحاد الكتاب العرب في طرطوس.
(الوحدة) التقته خلال تواجده في اللاذقية، ومعه كان حوارنا الآتي…
– بداية لماذا يجسد الأدب الساخر هويتك الإبداعية؟ ولماذا يحتل المقام الأول في إبداعك؟
ربما لأنني أدركت أن معظم الأجناس الأدبية باتت تتراوح في مكانها، أو هي عجزت عن تقديم نفسها للمتلقي، فوقع على نمط إبداعي صعب المراس لا يسهل ولا يستسهل على نحو ما آل إليه الشعر والقصة القصيرة والبحث، كثر هم الشعراء الذين زجوا بأسمائهم بين آلاف الأسماء حتى لم نعد نعرف الصالح من الطالح، وما قلته في الشعر يصح في القصة القصيرة والبحوث، ويبقى الأدب الساخر وتجلياته في المقال والقصة القصيرة محصناً من تجارب هؤلاء، وإن فعلوا فإن مثل هذه التجارب لن تستمر لأن هذا الجنس الأدبي ليس طرفة تسرق من الوسط الشعبي كما يفعل البعض، إنما هو نابع من ذات الكاتب و تصوراته للراهن الاجتماعي بماله، والسياسي بما عليه.
– أين تجد نفسك ككاتب ومؤلف عامر بكتابة الرواية والقصة القصيرة والمسرح والشعر والمقال وأدب الأطفال؟
أن أجد نفسي في كل مادة أكتبها، وإن لم أكن كذلك فإن أية مادة أكتبها تكون متكلفة وعقيمة، فالأدب الساخر ميّز قصصي وطبعها بطابع يختلف عن كم كبير من السرد في سوقنا الثقافي، وأدل على هذا المعنى بالاعتماد أولاً على الفنون اللافت لمجموعاتي منها: قوباز- ثمن قبلة عزيزة- الهزيمة الأولى للعتابا- سفارة جحا، ومجموعة بعنوان الطاووس الذي تعلم النباح وغيرها من المجموعات هناك مقالات كثيرة نشرتها في صحف سورية وعربية، وعلى مواقع الانترنت التي حملت عناوين لافتة مثل: ثقافة الطاولات- طرطوس ويلكم- نعمة البيجو و كتابي بعنوان: على الماشي رغم ذلك أجد نفسي في كتابة الرواية أكثر متانة لفسحة كبيرة تتيحها دون سواها.
– ربما قال أحدهم: إن التخصص في جانب إبداعي ينأى بالأديب عن الشتات الفكري والإبداعي ما رأيك بهذا القول؟
المبدع يولد مبدعاً، ولا يولد متخصصاً أما الذي يعتمد على أكاديمية الكتابة، فأنا أعتبر هذا الفعل قياساً أكثر منه إبداعاً إذا كان الشعر ملح الرواية على رأي النقاد وحوار المسرح واحد من أدوات الروائي والفلسفة النفسية تقتحم فلسفة الأشخاص في السرد فأين هو التخصص؟ أما إذا عدنا إلى تاريخ معظم الأدباء العالميين فإننا نجد بينهم عدداً كبيراً أنتج الشعر إلى جانب أدب المسرح والفن الروائي وجميعهم أجادوا فيما أنتجوا وخلفوا وراءهم إرثاً إبداعياً مازلنا نتداوله حتى يومنا هذا.
– الأدب الحقيقي يثبت ذاته، رغم ذلك هناك من يفرّق بين الأدب النسوي والأدب الذكوري هل أنت مع هذا التصنيف؟
الأدب هو الأدب لا فرق في ذلك بين الأديب الذكر والأديبة الأنثى سوى التحصيل، فالرجل في المجتمع الذكوري أكثر مشاهدة بصرية للأحداث وجملة العلاقات بحكم حريته واختلاطه اللا محدود.. بينما الأنثى تضطر إلى الاعتماد على تحصيلها اللغوي المجتهد، وعلى شحن خيالها للتعويض عن إدراكها للموقف الحقيقي ولنا في أسماء كاتبات سوريات شهيرات خير دليل على صحة هذا التصريح وما بين الحالين لا أراه فارقاً بقدر ما أعرفه تميزاً.
– ماذا يقول الأديب علي ديبة في جدلية العلاقة بين الذات والموضوع بين الواقع والخيال بين النص والكاتب من يخلق من؟
إن شخصية الأديب بمحتواها الفكري وما تحمله من قيم إبداعية وأخلاقية واجتماعية وسياسية هي المؤثر الذي يؤسس لبناء موضوعات خلاقة تفرض نفسها إن التمايز بين الشخصيات الإبداعية يعطي هوية التنوع الثقافي بعداً من تلك الأبعاد التي نجدها مستجدة وطارئة هو بعد تراكمي شبه خفي يقيم علاقة بين الكاتب والملتقي أساسها التوحد في الاتجاه الثقافي والقيمي والاجتماعي. فالبيئة ومكوناتها المادية والفكرية وما تشكله في نفس الكاتب وذات المتلقي تعطي هذا النسيج عضوية تقوم على إدراك رموز التخيل وفهمها ومن ثم توظيفها بما يخدم الذاكرة الإنسانية راهناً وتاريخاً.. كل نصّ إبداعي وإن أمعن كاتبه في تجريده فإنه في النهاية يعكس تجربة الكاتب مع الحياة..
كما يعكس نوعاً من الارتقاء الثقافي بما يخدم صيرورة لا فصل فيما بين المكوّن والمكوّن بقدر ما هو مخاض تذوب فيه المفارقات والمقاربات أمام ولادات نسميها المشهد الثقافي العام.
– هل هناك أزمة ثقافية ؟
الأزمة الحقيقية هنا ليست أزمة بمعناها المطلق الكلي لأن حدود الثقافة ليست محصورة بجنس إبداعيّ أو تاريخ أو خارطة ,ولا هي رهن أسلوب بعينه لاقتناصها و توظيفها .كل ما في الأمر أن أدوات الثقافة أصحبت تفصيلية في جانب, وأكثر شمولية في عدد من الجوانب .وبالقياس أقول:
إن شخصية طفل في الثامنة من عمره في هذه الأيام أكثر معرفة من مثيله في زمن سابق, والرجل الراشد هو أيضاً كذلك, و هذا ناجم عن رجحان كفة الإعلام البصري على المادة المتخصصة المقروءة.. إن تنشيط الوعي يحتاج إلى اتزان في الترويج الثقافي, وإلى فهم للتحولات التقنية والإفادة من خدماتها, وإلاّ حصلنا على شخصية عربية أسيرة الإعلام الأقوى, وهي شخصية غير تامة , أوهي شخصية ناقصة تشدها وتسوقها إملاءات تظهر غير ما تبطن.
– بالمقابل كيف ترى توظيف الفيسيوك بالثقافة ؟
الفيسبوك نمط ثقافي جديد لكنه سلاح ذو حدين ,حد إيجابي وحد سلبي الغالب فيه للأسف صار الحد السلبي قولاً واحداً. رغم أن الفرصة متاحة لنا جميعاً كي نتواصل ونكون جديين . إلا أنه هناك المهازل الكثيرة التي تطغى على هذا الجانب التواصلي الاجتماعي بشكل ما , ويساء الفهم , ويساء الغرض, وتكون النتائج كارثية أحياناً.
– كلمة أخيرة..
لا تلوموني إن أخطأت , فأنا أتنفس من وجعي, أخاطبهم من قفل الجوزاء من سحابة تاهت على طريق المجرة, من وهج يصعد من يصعد من الزبد يحمل إليكم آخر قطرة . أنا من كتبة الجدران. خطيب تحترمه منابر الأرصفة والأزمة .لا تهمني الألوان ولا تهمني القبضات ولا الصراخ, لا أكترث حتى بالمعابد , أسألكم والزحام يذهب بي إلى الجلجلة أن تعودوا بي كل أودع صديقتي بقبلة.

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار