الإعلامية القديرة أمل محمد في حوار وديّ مع صحيفة الوحدة: أمل محمد: تجربتي بالإذاعة فيها الكثير من المتعة رغم كل المتاعب في هذا الفضاء اللامحدود
الوحدة: 9-9-2021
دافئة كليلة حبّ، لصوتها دفء اعتاد عليه جمهورها في صباحاتها المفعمة بصوت السلام والطمأنينة.
إنها الإعلامية الرقيقة أمل محمد، عندما سألناها كيف تعرّفين عن نفسك؟
في حيّ القصور بمدينة بانياس الساحل، محافظة طرطوس، شهد العام ١٩٥٩ صرخة طفلة تودّ الانطلاق إلى عالم مليء بالغموض والأمل، فكانت أمل أو هالة الاسم الذي اختاره لي المرحوم والدي عندما أخبروه بأن طفلته القادمة رفعت رأسها للنور فوراً، فأدرك أنني المشاغبة القوية القادرة على خوض معارك الحياة تخطو خطواتها في فضاء رغبت أن تبحر فيه، طفولة مليئة بالشغب والشغف لأمل كان يكبر معي في مدرسة راهبات بانياس من المرحلة الإعدادية وحتى حصولي على الثانوية الفرع الأدبي ،حلم جعلني أنتظر أياماً طويلة أجلس أراقب التلفاز بانتظار إعلان عن مسابقة للإذاعة أو أي شيء يخصّ الإعلام كنت أبحث عن مهنة البحث عن المتاعب بكل تفاصيلها وكان الأمر، انطلقت إلى الحلم دمشق الياسمين ودرست آنذاك في معهد الإعداد الإعلامي لسنتين دراسيتين لأنه لم يكن كلية للإعلام وكان المعهد يوازي الكلية من خلال منهاجه المكثف والممنهج يعادل أربع سنوات كلية وكنا ما بين الدراسة النظرية والعملية في كافة الوسائل الإعلامية. تخرجت في العام -١٩٧٩ -١٩٨٠ وتعينت مباشرة في الاذاعة لأننا كنا ملتزمون مع الدولة كنا في شبه منحة دراسية داخلية، وكنا نتقاضى تسعين ليرة سورية كل شهر أثناء الدراسة وكانت البداية لعملي الإذاعي.
عرفناك في برنامج إذاعية عدة صاحبة الصوت الجميل عبر مسيرة طويلة من العمل الإذاعي ماذا عن ذلك ؟
لعلنا نختزل في أوردتنا تفاصيل أماكن ومرحلة صنعت ذاكرتنا وذكرياتنا من جديد!! وعندما أتوقف للحديث عن مرحلة كانت الأجمل والأمتع تجربة فيها الكثير من المتعة رغم كل المتاعب عن رحلتي الإذاعية في هذا الفضاء اللامحدود بعد تعييني بالإذاعة، عملت في قسم البرامج العبرية لأنني تخصصت باللغة العبرية في المعهد، وذلك لمدة عام بعدها انتقلت لإذاعة صوت الشعب قسم الأخبار تدربت هناك .وخضعت لدورات في مركز التدريب الإذاعي والتلفزيوني وبإشراف أساتذة من أهم دكاترة الوطن العربي في الإعلام وعذا ما أكسبني قوة ومعرفة تجارب الآخرين لهذا الفضاء تابعت عملي في إذاعة صوت الشعب كمراسلة لها ولإذاعة دمشق في دورة العاب البحر الأبيض المتوسط وكنت أول أنثى إذاعية بالساحل بعد انتقالي للاذقية لظروف عائلية ،وكان لهذا المفصل الدور الهام في اكتساب خبرة العمل الميداني الإذاعي الممتع والشاق. وكانت تلك المرحلة سنداً لي في تكوين شخصية تمتلك مهارة الحوار والتعاطي مع الناس ومعرفة حياتية دافعاً لي ولعملي المهني بعدها تابعت مسيرتي للاذقية كمراسلة للإذاعات الثلاثة وبعد إنشاء المركز الإذاعي باللاذقية عملت مذيعة ومعدة لبرامج عديدة بتلك الإذاعات برنامج صباحي اسبوعي لإذاعة دمشق ساعة على الهواء مباشرة ومثلها على صوت الشعب والشباب إضافة لتغطية كافة النشاطات للمحافظة وأهمها مواكبتي لمهرجان المحبة بسنواته كلها واذاعة مهرجان المحبة والسلام في بث مباشر يومياً لخمس ساعات متواصلة وعملت مع أهم المخرجيين الإذاعيين، واكتسبت خبرة كبيرة جداً من خلال معرفتي بتجارب أهم الإعلاميين الذين تعاملت معهم من داخل وخارج البلد كنت مراسلة لبرنامج سورية اليوم على إذاعة دمشق الأم وبعدها برنامج هنا اللاذقية لإذاعة صوت الشعب وكنت مسؤولة عن برامج الإذاعة من اللاذقية لأننا كنا ننجز البرامج من المركز ونبثها عبر الإذاعات برامج تفاعلية خدمية منوعة كنا نرصد فيها أهم المجريات والأحداث والنشاطات كان العمل شاقاً متعباً ممتعاً والإمكانيات ضعيفة والظروف صعبة لا وسائل نقل متوفرة وبأدوات بسيطة كنا ننجز المهمة التي كانت تأخذ منا يوماً كاملاً ولكن كنا بأسعد حالاتنا عندما نسمع نتيجة عملنا وردود أفعال مسؤولينا والناس كان حبنا لعملنا وتفانينا هو المعيار لنجاحنا واستمرارية عملنا الشاق جداً آنذاك على عكس هذه الأيام اصبحت المعلومة على النت جاهزة والعمل من المنزل المهم بعد عنا اللاذقية الذي استمر لعشرين عاماً كان مشوار وحكايات ونوافذ بحرية الذي فتحنا من خلاله النوافذ المعرفية عن تاريخ ساحل عريق وجذور مهمة للحياة المجتمعية والإنسانية والنشاطات والفكر الأدبي والمعرفي الذي يزخر به هذا الساحل المعطاء بكل تفاصيل الجمال فيه وكان برنامج العرّاب اخر البرامج على صوت الشعب قبل إغلاقها تجربة فيها الكثير من التميز عرفت من خلالها أهمية هذا البهاء الكوني الذي أعطتنا إياه الحياة (الإذاعة) فعندما يشارك الناس في إنتاج البرامج الإذاعية يظهر نوعاً من الحميمية صوت يتحدث الى المتلقي هو الروح تتحدث للآخر بكل اهتمام تعطي ما بداخلك بعمق ومحبة تجربتي الاذاعية مختلفة عن بقية الوسائل الاعلامية عملت لفترة في الفضائية السورية وكتبت في الوحدة المحلية كل لها جمالها وتبقى للتجربة الإذاعية شغفها في روحي. فالإذاعة تعلم الناس الإنصات والاستماع للآخرين ولأننا إن لم نسمع لن نعرف كيف نتعلم وكيف نتثقف.
والمفصل الأهم كانت تأسيسنا لإذاعة أمواج FM أول إذاعة في الساحل السوري الحلم الغافي بروحي والمستيقظ دائماً الذي كان يحادثني يوميا٠ًوكانت خطواتي الأولى تلك التجربة في الإذاعات الثلاثة والخبرة المعرفية التي اكتسبتها من خلال تماسي مع الناس واندماجي معهم وهذا بحد ذاته معرفة حياتية لتجارب عديدة. فكونت المخزون الذي أنضج لتأسيس إذاعة كانت حلمي وجاءت الظروف لتحقيق هذا الحلم في البث التجريبي لإذاعة أمواج في ١٥- ٢ -٢٠١٣ والبث الرسمي في ٨- ٣- ٢٠١٣ وكنت أعلم أن تأثير الإذاعة متعلّق بالبرامج التي تهدف إلى دفع المستمع لتكوين اتجاه نحو الهدف إذاً نحن نحتاج لتخطيط جيد وإعداد مسبق، لكي نحدث التأثير المطلوب وكان الأمر، انطلقت مع مجموعة من الشباب المحب والمندفع للعمل الإذاعي بكل ثقة ومن كافة الاختصاصات ومساعدة أشخاص ذوي خبرة ومعرفة شباب رائع وشغوف بعمله، فريق بروح جماعية واحدة ،عملت لانطلاقة أمواج بكل النجاح ولا أريد ذكر اسماء كي لا أتوه عن اي اسم ويسقط حقه كنا جميعاً روحاً واحدة انجحت انطلاقة امواج وما زالت أمواج أول إذاعة في الساحل السوري كان لي شرف تسلم إدارتها الأولى عملنا على إنتاج برامج متنوعة ومختلفة استطعنا كسب ثقة الناس والعودة مجددا لعشق وحب الإذاعة لهذا الفضاء الكوني اللامحدود خارج حدود الجغرافيا وهنا تكمن أهمية وسر الإذاعة في ترسيخ قيم وعادات وتقاليد سليمة وتهذيب سلوك الفرد والمجتمع والعمل على نقلها والتعريف بها برامج خدمية معالجة مشكلات المواطن أهم وإبراز عناصر نجاح الاذاعة المحيلة وجوهرها وماهيتها وكانت أهمية انطلاقة أمواج في مرحلة صعبة جداً من الحرب الإرهابية على بلدنا الحبيب سورية شاركنا في شحذ الهمم ورفع الروح المعنوية لجيشنا البطل الذي كان سنداً لنا أيضاً والأهم كاد دورنا في حماية أفراد أهلنا ومجتمعنا من تيارات فكرية هدامة حاولوا ترسيخها ولكنهم فشلوا.
-ما مقوّمات العمل الإذاعي الناجح وخاصة انك كنت مديرة إذاعة امواج لعدة سنوات ؟
من خلال تجربتي في العمل الإذاعي، مقومات العمل الناجحة مبنيّ على عناصر ومراحل أساسية إعداد المحتوى واختيار المواضيع وكيفية عرض وتقديم هذا المحتوى للمستمع المذيع أو المقدم الذي يستطيع التحكم بأدواته ويتقن لغة واضحة مفهومة بسيطة وصوتاً يحرّك مشاعر المستمع ومخارج خروف واضحة جميلة حضوراً في أداء ما يقدمه للمستمع بلغة مؤثرة ويرافق هذا كله تقنيات استديو ومخرج متمكن في فهم ما يدور في ذهن المذيع وسرعة البديهة وتقنيات الاستديو والمخرج تبرز إبداع المحتوى والمذيع الموضوع والمقدم عنصر مهم في إبراز أهمية المحتوى المطروح عقلية جمعية تشاركية وفن وذوق.
هل مازال للإذاعة الصدى نفسه ،وهل مازال الجمهور يصغي إليها وخاصة أن أغلبنا تحول إلى شبكات التواصل الاجتماعي ؟
الإذاعة وسيلة إعلامية ناجعة لا يخفت ألقها إن أخذت دورها بشكل جيد ،وإن استطاعت الصمود وتحدي كل المتغيرات في عالم التقنيات والتكنولوجيا على العكس ربما هي السند في عودة امتلاك قلوب الناس.
فالإذاعة ملتقى الحضارات ورفيقة الناس وهي وسيلة اتصال جماهيرية مهمّة جداً ورفيقة الفرد أينما كان ولا أريد هنا أن أقلل من أهمية الإذاعة إن قلت إنها في فترة ما قد خبت بعد ظهور الشاشة ووهجها واكتشاف الناس لهذا الجهاز الذي ينقل لك بالمشاهدة كل ما تريد معرفته ،ولكن شيئا فشيئاً ومع ظهور تكنولوجيا الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وسهولة الحصول على المعلومة بالمشاهدة والصوت وأنت في كل مكان غير مرتبط بمكان معين وغير قادر على التحرك أعاد للإذاعة الألق الذي كانت وما زالت
وخفف من وهج التلفاز، فأصبح الموبايل لمن يريد الاستماع أو المساعدة وهنا تبرز أهمية المنافسة الشريفة بين المحطات الإذاعية في كسب المتلقي لها. أما الإذاعات المنشأة على هذه الوسائل شخصياً لا أسمي بعضها إذاعات وإنما عرض عضلات ودعايات وأصوات ليس لها علاقة هناك فقط إعلانات غير هادفه وهنا أقصد من يقوم بترجمة مسلسلات بأصوات رديئة ليست بإذاعة لها قدسية وخصوصية آليات التدريب الإذاعي مهمّة جداً لنجاه الإذاعة في ظل ظرف الاستسهال لهذا العمل في أيامنا هذه
-ماهي آليات التدريب على العمل الإذاعي ؟
يجب أن يكون هناك فهم لمفاهيم الإذاعة وماهيتها ثقافة معرفية إلى حدّ ما يكون هناك معايير موحدة للتدريب خطوط أساسية فهم لملكات الصوت واتباع طرق وأساليب في التخطيط للتدريب مع إدارة هذه البرامج معرفة مصطلحات هامة في اللغة الاذاعية للتدريب.
ذكرى لا تغيب عن ذهنك في عملك الإذاعي ؟
أريد هنا أن أقع في فخ المسافة والنسيان أريد للحضور أن يسكب تفاصيل أكوابه يعلمني مجدداً أن اللحظة الحالية
قد تكون أفضل وأعمق اللحظات لذلك كل تفصيل وذكرى في حياتي الإذاعية عمر، له جماله لا أنسى أجمل تجربة حياتية لي ولكن اول مرة قلت فيها ،هنا إذاعة الجمهورية العربية السورية من دمشق، وعبر إذاعة دمشق فن تعلمته من أستاذي المرحوم يحيي الشهابي لا أنساها مطلقاً ولا أنسى لحظة انطلاقة إذاعة أمواج، عندما نطق قلبي قبل لساني هنا اللاذقية أمواج اف ام وعندما أبكاني أحد أساتذتي وقال لي: لن تنسي هذه اللحظة لأنها ستغير في منعطف عملك الإذاعي وستدفعك للأمام اذكريني بالخير يا ابنتي عندها تحققين حلمك ستذكرين أن من أبكاك سيفرحك وتضحكين .رحمه الله ورحم كل شخص أبكاني لأضحكك في نجاحاتي ان صح التعبير وهناك الكثير.
– كلمة أخيرة :
صوتك والمسؤول برنامجي الذي أوصلني لقلوب آمنت ووثقت بي ومازلت في قلوبه لأنه وأنهم مازالوا في قلبي برنامجي الأغلى والأهم صوتكم مازال في مسمعي ونبضات قلبي أحبكم واقول:
عندما تتساقط الأيام من على الأرف وكأنها بعض من غبار.. كيف بإمكاننا إيقاف ضياعها منّا!!؟؟؟
لذلك أقول: لجميع من يعمل في هذا الفضاء الجميل لا تضيعوا لحظات هي حياة بأكملها ولا تستخفوا بها هي زادكم وأثركم الباقي كونوا أوفياء لعمر أعطاكم وأعطيتموه نبض القلب .فقط أريد إضافة شيء آخر وهو أنني كنت مراسلة حربية على الجبهات للإذاعات الثلاثة، وكنا ننقل الأحداث مباشرة وكانت من أهم وأجمل أيامي رغم كل ما تعرضنا له وهنا يكمن متعة العمل الميداني في نقل الصورة الحقيقية للمستمع كان نقلي للمجريات وأحداث الحرب في اللاذقية مرحلة مهمة جداً وكنت المراسلة الإخبارية.
نور محمد حاتم