الوحدة: 6-9-2021
بحضور جماهيري كبير من الكتاب والشعراء والأدباء والأهل، وقعّت الكاتبة عفراء مخلوف كتابها الأول (بنت القمر) في دار الأسد في اللاذقية الذي استغرق معها ثلاث سنوات، كانت فيه وقفات وانعكاسات عميقة لروح الروائية ليرى النور في عام ٢٠٢١م، علماً أن (بنت القمر) رواية اجتماعية، فيها روح متمردة على الواقع الموروث، تطرح فيها قضايا معاصرة، وتقدّم قضية الحبّ والأسرة وما يرتبط بها بشكل شفاف، لتخاطب الشريحة المثقفة ثقافة تنويرية حقيقية ترفض التسليم لما لا يحكم فيه العقل، وتمتلك حساً نقديّاً للواقع بموروثاته، وتتطلع إلى مجتمع أرقى يستطيع أن يرى الشرف والقيم الإيجابية بشكل مختلف بلغة عذبة ومدهشة.
اعتمدت فيها خطف الزمن، أي قطع الحدث وسرد آخر والعودة إليه ثانيةً، رافق الرواية طباعة كتيبين، فيهما نصوص نثرية عنوان الأول (موائد ليلكية) والثاني (نور وقمر).
تحكي الرواية قصة البطلة واسمها عليا التي أصابها المرض العضال، وفقدت أجمل ما تعتز به (ثديها)، وأحبت شاباً لا يناسبها بطبعه المغامر، وتزوجت من أحبها واهتم بها، وأنجبت منه طفلين، بنتاً سمتها (شمس) وصبياً سمته (كريم) لتعيد ترتيب ذاتها في كل مرحلة مرت بها بمساعدة زوجها فادي الذي كسر طوق العادات والخوف، وطلب من حبيبها أن يقابلها ويتناقشان كيف سارت بهما السبل إلى الفراق وتسد ذاك الثقب الأسود في ذاكرتها، فتتابع حياتها بلا حسرات، وتتوالى الصدمات تباعاً، وتتصاعد لتترك الكاتبة النهاية مفتوحة أمام القارئ.
( بنت القمر) عنوان الرواية الذي استوحته الكاتبة عفراء من حوار بين البطلة وزوجها تقول فيه: إنها بنت من بنات القمر والمقدمة توضح أسطورة إنانا وفقدها؛ أمّا صورة الغلاف فهي لوحة لفنان عراقي هاجر إلى كندا وصدرت الطبعة الأولى في عام ٢٠٢١م من بنت القمر في ١٥٩ صفحة عن دار المرساة للنشر والطباعة والتوزيع في اللاذقية.
والجدير ذكره أن الحب كان في رواية بنت القمر عامل العلاقات وسيد المواقف في أي حالة مجتمعية، وهو الذي ساعد البطلة على الشفاء من مرضها بسبب اهتمام زوجها رغم الحرب ومخلفاتها والعادات وتأثيرها السلبي على الأسرة والمجتمع، وكيف تتبدل نفسية الإنسان متى اقترب منه الموت، فإبداعات الكاتبة عفراء لم تقف هنا بفضل مساعدة ومساندة زوجها الأستاذ أُبي صافيا الذي كان داعماً ومؤيداً لها في كل خطوة، وهي الآن في صدد طباعة قصص قصيرة وكتب ونصوص نثرية ورواية جديدة قيد الكتابة أيضاً لم تختر لها عنواناً بعد.
وتخلل الحفل عدّة مداخلات لنقاد منهم الكاتبة والأستاذة رجاء شاهين: الملاحظ للوهلة الأولى أن الكاتبة اقتحمت طريق الإبداع من إيمانها بثقافتها وتجاربها المستمدة من الحياة الشخصية ومن حياة الآخرين، بإصغائها لهم بحرية، ومحاولة عيش تجاربهم، لخلق الفضاء الروائي ونقله عبر اللغة الروائية لتبدو كأنها تجربتها الخاصة، وفي (بنت القمر) استوفت الرواية عناصرها لكننا نرى هيمنة صوت الكاتبة على شخصيات روايتها وليتها تركت للدلالة الروائية أن تعبر عن نفسها وليس من خلال الأفكار والتدخل في شؤون الشخصيات، حتى لا تبدو مهمشة، حتى لا تعاني الكاتبة من تصخم الأنا وتنزيهها عن أي خطأ، ومع ذلك استطاعت أن ترسم شخصيات الرواية بعناية، بالرغم من الظروف المحيطة والقاسية والتي تحيط بهم وشكلت بهم حلماً كانت تطمح إليه روائياً.
كما قدم الكاتب علي محمود مداخلة نقدية حيث أثنى على ما قدمته الكاتبة عفراء لأنها كتبت ما في داخلها من شغف واضح بحبية واضحة وإن خرجت منها الكلمات في بعض السطور بشكل إنشائي لكنها لم تخرج عن دقة الرواية بداية ومد وخاتمة، وتخلل الحفل أيضاً مداخلة أدبية نقدية للشاعر الناقد علي أحمد بدراسة عميقة ومفصلة وتحليلية عن الرواية والشخصيات فيها.
رهام حبيب