الوحدة : 3-9-2021
لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة افتتاح أسواق شعبية وأهلية على امتداد البلاد، منها ما هو معني ومختصّ بمنتجات الأغذية ومتمّماتها ومنها خاص بمتطلبات العملية التعليمية من قرطاسية وألبسة متنوعة، وعند افتتاح أسواق العيلة في مدينة اللاذقية ومدن أخرى على امتداد المحافظات فهذا يؤكد أن الضامن الوحيد لاستقرار المواطن هو العودة إلى مؤسسات الدولة بكافة أشكالها، كما أن افتتاح أسواق أخرى مشابهة في مدينة حلب الشهباء العاصمة الاقتصادية له دلالات بالغة الأثر، فقد أصاب الكثير من المتابعين غبطة حقيقية على خلفيات هذه الفعّاليات، ففي حلب بدأت عودة الروح إلى جوانب تلك المدينة ومعارضها، إلى مصانعها التي سُرقت على أكتاف الخونة، إلى السوق الأهم الذي يحاكي مستوى هذا الشرق العتيق، لكن النظرة الشمولية لهذا الحدث تعبّر عن تحدٍ كبير للواقع من حيث تباهي تجّار الدم في الأمس القريب بحرق حلب وأسواقها واقتصادها، لكنها اليوم تُظهر عظمة التحدّي في زمن قياسي، برهنت للعالم بأثره أن روح الحياة وحبّ العمل تعيش في خلايا الدم لهذا الشعب الحيّ، عجَلة الحياة عادت تُحيك خيوطها، عادت تنسج كياناً اقتصادياً لطالم كان شوكة في حلق البُغاة والطغيان، أعداء مارسوا أبشع أنواع الإجرام بحق الحياة وكينونة العيش المشترك في عاصمة الشمال للوطن السوري الكبير ليكون سوق خان الحرير باكورة عودة الروح لتلك المدينة، حيث تم افتتاح فعّالية ليالي المدينة التي تنظّمها محافظة حلب والأمانة السورية للتنمية بمناسبة افتتاح سوق خان الحرير وساحة الفستق في المدينة القديمة، وافتتاح معرض المأكولات التراثية الحلبية المطبخ الحلبي في خان البنادقة .
غير أن مدن عملاقة كدمشق وحلب هما عماد العجلة الاقتصادية وبنيانها، هما معنيتان ببناء مجتمع تجاري صناعي يجاري الرّكب الاقتصادي العالمي المتطور، حيث نافسه في أحياناً كثيرة باعتراف دولاً أوروبية عملاقة بجودة الصناعات السورية، وذلك لأسباب كثيرة منها وجود الخبرة والصدق والنية الطيبة ورأس المال الوطني المؤمن بضرورة وجود المنافسة الشريفة، كذلك القرار الجريء المستوحى من ثقة مطلقة بجودة المنتج المحلّي القادر على النضوج والمنافسة .
وعود على بدء وافتتاح أسواق العيلة، في لاذقيتنا، نحن الآن وجميع العائلات السورية مقبلون على افتتاح المدارس وضمان متطلبات العملية التدريسية، وهذه الأسواق تضم المستلزمات المدرسية، والألبسة والمواد الغذائية والمنظفات، حيث لاقت حسومات حتى ٥٠ % مقارنة بالأسواق الأخرى، وقد سبق ذلك افتتاح معرض القرطاسية والمستلزمات المدرسية في مجمّع أفاميا، كذلك بمشاركة شركات صناعية وطنية وفعّاليات وجمعيات أهلية وخيرية كسوق العيلة في حديقة البطرني وامتداد الكورنيش الغربي، عرض المشاركون منتجاتهم من مواد غذائية واستهلاكية وألبسة ومستلزمات مدرسية وأعمال يدوية ومنظفات مع عروض تخفيضات وحسومات تصل حتى ٤٠ بالمئة، كما أقيم سوق في الكراج الجديد بمدينة القرداحة والسوق الشعبي بمدينة الحفة بهدف توفير أسواق لبيع المستلزمات المدرسية والمساهمة في تلبية جزء مهم من حاجة الأسر من المواد التي توفّرها هذه الأسواق .
وجميع هذه الأسواق تم افتتاحها لمساعدة العائلات وتوفير مختلف المنتجات بسعر التكلفة، والتي تتزامن مع ضغوطات أخرى تتعرّض لها جميع الأُسر كتأمين مواد مونة الشتاء من زيت وزيتون ودبس فليفلة ومكدوس وبصل وغيره من المربيات، وهذه الأمور هي عبارة عن أحلام لا يستطيع تنفيذها إلا القليلون، فراتب الموظف لا يحتمل السير بالعائلة إلا للربع الأول من الشهر، فكيف سيتم التعامل مع ضغوطات ومتطلبات أخرى ستقع على تقاسيم هذه الجمجمة، حيث نستنتج مما سبق أن مؤسسات الدولة عادت بقوة، بدأت المواد على اختلافها بالظهور داخل الصالات والمؤسسات والفعّاليات الحكومية، تنافس مثيلاتها من جميع المواد، لكن مع الأسف لا زال راتب المواطن على اختلافه يعاني ضعف حيلته وبالتالي ضعف القوة والقدرة الشرائية .. بانتظار الصحوة التي تقتل وتدمّر تلك الهوة بين الراتب وواقع السوق .. ننتظر ذلك .
سليمان حسين