الوحدة : 29-8-2021
لماذا سورية؟ سؤال يستنهض السوريون جواباً له، منذ عقد من زمن، بكرة وأصيلاً، ولم تأت آية من القراءات والتحليلات السياسية والعسكرية تعلوها الاقتصادية شافية لما يعتمل في صدورهم وعقولهم… سؤال أجاب عليه الأديب أستاذ الجغرافية ضاحي سليمان أحمد في محاضرة قيمة بعنوان (هرمجدون وحروب الدجال على سورية) ألقاها في المركز الثقافي العربي بطرطوس، سرد من خلالها ماذا فعلت الصهيونية العالمية وأدواتها (الوهابية التكفيرية) في المشرق العربي من تحالفات ومخططات تقسيمية لدول الشرق الأوسط وصهينة الإسلام بعد صهينة المسيحية تحديداُ منذ عام 332 ق . م إلى هذا التاريخ…
يقول الأحمد: إن كل ما جرى ويجري من حروب واقتتالات وتقسيم لدول الشرق الأوسط هو خدمة للصهيونية العالمية وتمهيداً لظهور المسيح (الدجال) من بوابة سورية بعد خراب بابل وآشور، وتحقيقاً للنبؤات التوراتية، وتأسيس (مملكة الرب) في معركة (هرمجدون) تضم الكيان الصهيوني وجيوش العالم من حلفائها، تقوي فيها الحق اليهودي ضد (قوى الظلام) المعادية لها حسب زعمها لأنها المعركة الحاسمة لعودة المسيح اليهودي (الدجال) إلى الأرض ليحكمها من الفرات إلى النيل لألف عام، يجرون خلالها العالم إلى مصير كارثي باسم الله ، كما أن قيام إسرائيل الكبرى بحسب النبؤات التوراتية سوف يساهم في بناء الهيكل (سليمان) المزعوم رغم عدم ثبوتية ما يشير إلى وجوده لا من الناحية التاريخية ولا من الناحية الآثارية..
أما كيف ومتى بدأ خروج المسيح الدجال إلى المشرق العربي فقد قال الأحمد: كان خروجه في مطلع القرن السابع عشر مع ظهور السلطة البريطانية الاستعمارية في الشرق، الهند تحديداً (عندما أقامت أولى قواعدها عام 1611 م)، وهذا ما أكده رسول الأمة (ص): إن الدجال يهودي يخرج من الشرق، وسيتبعه اليهود المقاتلون الذين وجوههم كأنها المجان المطرقة، حقيقته تكمن في قوته المادية والاقتصادية والإعلامية العالمية، وهو ما يسمى اليوم (اللوبي الصهيو – أمريكي) المسيطر على الأمم الغربية والشرقية…
ففي عام 1916 م تم طرح مفهوم الشرق الأوسط بدءاً من التدخل الأوروبي بالدولة العثمانية، وطبق فعلياً من خلال اتفاقية سايكس – بيكو لتقسيم المشرق العربي إلى دويلات متناحرة وصولاً إلى ظهور القطب الأوحد عام 1991م في عهد آل بوش حيث صرحت آنذاك وزيرة الخارجية الأمريكية رايس من العاصمة اللبنانية عندما قالت: (إنني أرى إرهاصات شرق أوسطية جديدة) وكان من أهداف المشروع تجزئة المجزأ، وتقسيم المقسم، وتفتيت المفتت من أقطار المشرق العربي، وخلق دويلات للطوائف من عربي – صهيوني إلى عربي – عربي ، والقضاء على قوى المقاومة باستخدام القوة العسكرية والسياسية وخاصة سورية وإيران والمقاومات في لبنان والعراق وفلسطين…. ولا يتم ذلك إلا بغزو أسواق الوطن العربي، وإعادة تشكيل العقل العربي من خلال الندوات والكتب والصحافة لتغدو فكرة الشرق أوسطية قوة مادية مؤثرة في الرأي العام، إضافة إلى إدخال الاتصالات الحديثة والمحطات الفضائية التي لا تخدم إلا أعداء الأمة العربية، وتشوه صورة الإنسان العربي المقاوم للمشاريع الأجنبية وهذا ما سمي (سايكس بيكو) جديدة زرعته قوى الشر الشيطانية لتدمير الإسلام وصهينته كما صهينت المسيحية قبلاً.. والقضاء على الدولة القومية السورية وتدمير الوحدة الوطنية لدول المنطقة، واختراق ما يسمى بالأقليات وتسخيرها لمصلحة الكيان الصهيوني تمهيداً لمعركة هرمجدون لقيام اليهودية العالمية حاكمة العالم لألف سنة، لأنها مهد الحضارات عاش الإنسان فيها منذ مليون عام، ولأنها المتحف التاريخي المتكامل- لم يزل الاستمرار الحضاري فيها إلى الآن، ومنها خرجت الديانات السماوية، وعلى أجساد أبنائها تحطمت ساعات صفر كثيرة منذ القدم إلى هذه الساعة، كان مصير كل محتل وعاد هو الانكسار والانهزام، وهذا ما دفع المفكر أندريه بارو إلى القول: على كل إنسان متمدن أن يقول إن لي وطنين، وطني الذي أعيش فيه وسورية.
نعمى كلتوم