ريــاض الأطفـــال بـــين الــــــدور الـتربوي وهاجــس الربـح بناء شخصية الطفل واكتشافها أهــمّ من تعليمـه القــراءة والحســاب

العدد: 9312
14-3-2019

مؤسسات رياض الأطفال من المؤسسات التربوية التي تحظى باهتمامٍ عالمي كبير نظراً لأهمية المرحلة العمرية التي تتضمنها، حيث تتولى رعاية الطفل والعناية به خلال السنوات الخمس الأولى من حياته، وفي هذه المرحلة تتشكل الملامح الأساسية لشخصية الطفل، وتتبلور قدراته وإمكاناته ويكتسب خبراتٍ ومهارات هو بأمس الحاجة لها، تمثل اللبنات الأولى التي يتم البناء فوقها طوال حياته، كما يكتسب العادات الاجتماعية والتفاعلية في البيئة التي يعيش فيها، وكثيراً ما يتم في مؤسسات رياض الأطفال الكشف المبكر عن الصعوبات والمشكلات السلوكية التي يمكن أن يعاني منها بعض الأطفال في هذه المرحلة، لذلك وحتى تحقق مؤسسات رياض الأطفال الأهداف المرجوة منها لابد من أن تتحقق فيها كافة الشروط المثالية، والتي تسهم بشكل أو بآخر في بناء شخصية الطفل بناءً سليماً وصحيحاً، وهذه الشروط تبدأ من بناء الروضة والإدارة الناجحة، مروراً باختيار المربيات والمناهج وأسلوب التعامل مع الأطفال، وتطبيق أساليب ومهارات التعلم الصحيح، وانتهاءً بالإشراف على تلك الروضات سواءً الخاصة منها والعامة من قبل مديرية التربية، وتقييم العمل وتصحيح الاعوجاج بغية التكامل والتعاون في الوصول إلى الهدف التي تسعى جميع أطراف العملية التربوية وهو بناء شخصية الطفل ليكون فعالاً في المستقبل في بناء الوطن، ومؤسسات رياض الأطفال بكل مكوناتها هو محور تحقيقنا…

بــين الخاصــة.. والحكوميــة 

كان لابد لنا بداية أن نلتقي مع بعض الأهالي لنسألهم عن المعايير التي يعتمدون عليها عند اختيار الروضة لأطفالهم. 

– علياء الصعبي: المعيار الأهم بالنسبة لي هو الروضة الخاصة، لأنه تتوافر فيها وسائل تعليمية وترفيهية أكثر من الروضات الحكومية ويكون الاهتمام بالأطفال من حيث النظافة والتعليم أكبر بكثير.
– منال مسعود: أختار الروضة التي يتوفر فيها تعليم واهتمام بحيث يتمكن ابني من القراءة مع نهاية العام الدراسي ويدخل إلى الصف الأول وقد حفظ وفهم كل الأحرف والأعداد وتمكن من كتابتها.
– نجاة يزبك: أنا موظفة ودوامي طويل جداً لذلك المعيار الأساسي أن يكون دوام الروضة حتى الساعة الثالثة ظهراً بالإضافة إلى اهتمام الروضة بتعليم اللغة الانكليزية من خلال اختصاصيين.
– حنان علي: المعيار الوحيد والأوحد الذي اعتمده عند اختيار الروضة لابني أن تكون رخيصة بحيث أتمكن من تسديد أقساطها الشهرية بيسر وسهولة.
مربيـــــات.. وواقـــــــع

توجهنا إلى بعض مؤسسات رياض الأطفال التابعة منها لمديرية التربية أو الخاصة لنشاهد عن كثب وضع تلك الروضات ونتعرف على آلية العمل ووضع المربيات وطريقة التعامل وتعليم الأطفال وما إلى ذلك والبداية كانت مع روضة ملاعب الطفولة التابعة لمديرية التربية حيث التقينا مديرتها السيدة ربا موس حيث قالت: نستقبل في الروضة فئتين عمريتين، فئة الخمس سنوات وفئة الأربع سنوات أما فئة الثلاث سنوات فهي غير موجودة بسبب عدم الإقبال عليها من قبل الأهل، ونحن في روضة ملاعب الطفولة نلتزم بكراس وزارة التربية، فهو كراس كافٍ يراعي الخصائص النمائية للطفل، وفيه خبرات متنوعة وكافية تزود الطفل كل ما يحتاجه من مهارات، وتكسبه الخبرات المطلوبة في هذه المرحلة العمرية فهو يضم مواد: الرياضيات، علوم، لغة عربية إضافة إلى اللغة الإنكليزية، وبالنسبة لمربيات الروضة فهن من حملة الإجازة في رياض الأطفال أو معلم الصف والبعض حاصل على دبلوم تأهيل تربوي ويبلغ عددهم (14) مربية وهو عدد كافٍ لتسيير العملية التربوية، ولابد من الإشارة إلى وجود عدد من أبناء الشهداء في الروضة بناءً على المرسوم رقم /55/ لعام 2004
هناك بعض الصعوبات التي تعيق العمل فنحن بحاجة إلى مستخدمة أخرى لتسيير عمل الأطفال في الروضة، وقد طالبنا مديرية التربية بذلك، ولم يتم حتى الآن تعيين مستخدمة أخرى.
× السيدة لاريسا حميشه مديرة روضة المستقبل الخاصة قالت: نستقبل في الروضة ثلاث فئات عمرية: ثلاث سنوات، أربع سنوات، خمس سنوات،
بالنسبة للمنهاج المعتمد في الروضة هو كراسات وزارة التربية بالإضافة إلى المواد الإثرائية التي نحصل عليها من المكتبات أو دور النشر وفي الروضة 6 مربيات خريجات رياض الأطفال وكلية التربية، وهناك إشراف دوري على الروضة من قبل مديرية التربية حيث يتم الاطلاع على المناهج وسجلات الروضة وعدد الأطفال والمساحة، ولابد من الإشارة إلى أن السنوات الأولى من حياة الطفل من أخطر وأهم المراحل لأن ما يحدث فيها من مشاكل يصعب تقويمه أو تعديله مستقبلاً.
ماذا يقول أهل الاختصاص؟
ولأن هذه السنوات يقضيها الطفل ما بين الروضة والبيت كان لابد من زيارة كلية التربية في جامعة تشرين لنتعرف من أهل الاختصاص وبشكل علمي ودقيق على الشروط الفنية والبشرية المطلوب توافرها في مؤسسات رياض الأطفال لبناء شخصية الطفل دون مشاكل والتقينا الدكتورة سوسن عباس، اختصاص إدارة رياض الأطفال: من يتولى إدارة مؤسسات رياض الأطفال يتوجب عليه أن يقوم بأداء الوظائف بشكل عصري، بحيث يبتعد عن الروتين في العمل والتكرار والنمطية في أدائه وخاصة في ظل التغيرات والتطورات التي يشهدها العصر الحالي، والذي شهد ظهور العديد من الاتجاهات الإدارية الحديثة في مجال إدارة المؤسسات التربوية بشكل عام ومؤسسات رياض الأطفال بشكل خاص، وهذه الاتجاهات الحديثة تشمل اتجاه إدارة الجودة الشاملة وإعادة هندسة العمليات الإدارية، ولابد أن نتحدث عن مشكلات مؤسسات رياض الأطفال، فغالبية المديرين غير مختصين في مجال الإدارة وحاصلين على مؤهل إجازة جامعية غير متخصصة في المجال التربوي رغم حصول البعض الآخر على دبلوم تأهيل تربوي، الأمر الذي يتطلب إعدادهم وتدريبهم وتأهيلهم للقيام بالمهام والوظائف الإدارية، المطلوب منهم القيام بها ويتم ذلك من خلال الخضوع لدورات تدريبية بشكل مستمر، ومن خلال ملاحظة الواقع هناك قصور في الدورات التدريبية الموجهة لمديرية مؤسسات رياض الأطفال، فغالبية الدورات التدريبية موجهة لمربيات ويتم دعوة المديرات المنتدبات من قبل مديرية التربية لحضور هذه الدورات دون إلزام مديري المؤسسات الخاصة الاشتراك بها، وغالبية الموضوعات التي تطرح في الدورات التدريبية تتعلق بالطفل وخصائص نموه وطرائق استراتيجيات التعليم والتعلم، وكيفية معالجة المشكلات دون أن تكون هناك موضوعات تتعلق بمجال الإدارة وغالبية البرامج والدورات التدريبية تكون مركزية (وزارية) أي لا يتم تخطيط الدروات التدريبية وإقامتها في المحافظات.
شروط وإجراءات

وتوجهنا إلى دائرة التعليم الخاص في مديرية التربية حيث تقوم هذه الدائرة بالإشراف على جميع الروضات الخاصة منها والحكومية والتقينا رئيس الدائرة علي يوسف وسألناه عن الشروط والمعايير الضرورية لأبنية رياض الأطفال؟ وكيف يتم الإشراف على هذه الروضات من قبل مديرية التربية وما هي الإجازة الجامعية التي يجب أن تحملها مربية الروضة وغيرها فأجاب:
الشروط والمعايير الضرورية لأبنية رياض الأطفال: غرفة إدارية مساحتها /8م2/ ثلاث غرف صفيّة على الأقل لا تقل مساحة كل غرفة عن /20م2/ وجود /4/ دورات مياه للأطفال ومغاسل مع دورة مياه للإداريين – مساحة الباحة الخارجية لا تقل عن /60م2/ وأن لا يقل عرض الوجيبة عن /3م/ لاعتمادها كباحة, يظلل منها (15-35%) تعالج أرضيته بمواد ماصة للصدمات (إسفنج مضغوط سماكته 3 سم), الجزء المكشوف من الباحة يشكل 50% تعالج أرضيته ببلاط مانع للانزلاق (موزاييك) ويلحظ فيه وجود استراحات وأماكن جلوس للأطفال وتحاط الباحة بسور آمن ذي مظهر جميل مطلي باللون الأبيض مزود برسومات وأشكال تتلاءم مع الأطفال، يزود بناء الروضة بأجهزة الإطفاء وأجهزة الحماية من خطر التيار الكهربائي (قاطع تفاضلي) كما يجب أن تتوفر الإضاءة المباشرة والتهوية الطبيعية في الشعب والقاعات الملحقة، ارتفاع السقف في الأبنية المشادة كمؤسسة تعليمية خاصة /3م/ وفي الأبنية الجاهزة لا يقل عن /2,60م/ وفي حال وجود درجات عند المدخل الخارجي يجب ألا تزيد عن ست درجات يتراوح ارتفاعها بين (15-17سم) أو منحدر مناسب لا يزيد ميلها عن (10%) ولابد من وجود مناهل للشرب لكل (45) طفلاً مشرب واحد، ويجب أن يكون الانتقال في البناء واضحاً وصريحاً من المدخل إلى الموزع أو الممر ثم إلى بقية العناصر، ولا تقبل أي حركة أخرى أما القاعات الصفية فتأخذ أشكالاً صريحة (مربع أو مستطيل بنسبة مقبولة) تمد أرضيتها بموكيت وتفرش على شكل نظام الأركان، ويمكن استخدام مقاعد دراسية تتناسب مع أعمار الأطفال، وتزود الشعب الصفيّة بخزن جدارية لألعاب الأطفال، ويجب معالجة الحواف بشطفها أو وضع مواد مطاطية عليها ولابد من عزل العناصر المعدنية والعناصر الصلبة بقطع إسفنجية، وأخيراً تأمين مشارب أو برادات صغيرة ولا تقبل صنابير المياه.
وبالنسبة للإشراف على مؤسسات رياض الأطفال لابد أن أشير هنا إلى أن رياض الأطفال (الحضانات) والتي تستوعب الأطفال دون ثلاث سنوات تتبع لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل.
أما رياض الأطفال الملحقة بالمدارس فهي تتبع لنقابة المعلمين، ورياض الأطفال التي تستوعب الأطفال من عمر ثلاث سنوات وحتى خمس سنوات فيتم الإشراف عليها من قبل مديرية التربية من قبل مدير مندوب على كل روضة ومن خلال الموجهين التربويين في كافة المناطق حيث يزورون الروضات بشكل دوري ويطّلعون على واقع الروضات وبعدها يقدمون تقارير شهرية لمديرية التربية عن واقع هذه الروضات وآلية عملها وقد تم اعتماد استمارة لتقييم أداء المربيات في الروضات التابعة لمديرية التربية وتصحيح هذا الأداء إن وجد وتقديم الملاحظات والتوجيهات الضرورية لنجاح عمل المربيات في التعامل مع الأطفال ونذكر هنا بعض الروضات التابعة لمديرية التربية: (واحة الطفولة – ملاعب الطفولة- العلماء الصغار – البراعم الصغار- أجيالنا مستقبلنا- أزهار الطفولة) وغيرها ولابد أن أشير هنا إلى أن المعيار الوحيد لاختيار مشرفي الروضات أن يكونوا من حملة الشهادة الجامعية، أما بالنسبة للمناهج التي تدّرس في مؤسسات رياض الأطفال التابعة لمديرية التربية فهي المناهج المعتمدة من قبل وزارة التربية بالإضافة إلى المناهج الإثرائية، وهذه المناهج تعطى في الروضات التابعة لمديرية التربية بموافقة وزارة التربية وفي جميع المواد باستثناء اللغة العربية وفي حال طلبت إحدى الروضات كتب إثرائية جديدة فإن الأمر يحتاج إلى مطالعة من الموجه المختص وترفع إلى وزارة التربية للحصول على الموافقة.
سألنا السيد رئيس دائرة التعليم الخاص:
أليست المربيات الحاصلات على إجازة في رياض الأطفال أو معلم صف هن الأجدر بتعليم الأطفال والتعامل معهم في رياض الأطفال فقد لاحظنا بعد جولتنا على الكثير من رياض الأطفال أن معظم المربيات من حملة الإجازة في العلوم – الفيزياء – الرياضيات، وحتى شهادة الثانوية العامة فأجابنا قائلاً:
إن المرسوم التشريعي رقم (55) الصادر عام /2004/ لم يحدد نوع الاختصاص أو شهادة المربية العاملة في مؤسسة رياض الأطفال، ولفتنا انتباه السيد رئيس دائرة التعليم الخاص إلى أن الكثير من زوجات الشهداء لم يسمعن بالمقاعد المجانية لأبناء الشهداء في الروضات فلماذا لم تعمل مديرية التربية على نشر هذا المعلومة وما هي نسبة أبناء الشهداء في تلك الروضات فأجاب:
تم تعميم قرار من قبل وزارة التربية على كافة مؤسسات رياض الأطفال الخاصة منها والحكومية بقبول 5% من الطاقة الاستيعابية لكل روضة لأبناء الشهداء مجاناً.
كما التقينا المربية مريم أحمد موجهة تربوية لرياض الأطفال: هناك مشروع بالتعاون بين منظمة اليونيسف ووزارة التربية (دائرة الإحصاء والتخطيط) تحت اسم (استعداداً للالتحاق بالمدرسة) حيث سيتم إنشاء شعب صفيّة في كل مدرسة تستوعب هذه الشعب الأطفال من الفئة العمرية الخمس سنوات وهي موجهة للأهل الذين لا تسمح ظروفهم المادية بتسجيل أطفالهم في روضات خاصة وكذلك لأطفال الجرحى والشهداء حيث تستوعب كل قاعة درسية (30) طفلاً علماً أنه تم تدريب (22) مدّرسة لهذا الغرض وهناك فكرة للتوسع في عدد المدارس التي سيتم افتتاح قاعات درسية فيها وتتحول إلى واقع في كل مدارس سورية.
أما الدكتورة دلال عمار رئيسة دائرة البحوث في مديرية التربية حيث كانت تشرف على الروضات قبل إخضاع تلك الروضات لدائرة التعليم الخاص قالت:
تقوم الموجهة المسؤولة عن مؤسسات رياض الأطفال الخاصة والحكومية بجولات دورية على تلك المؤسسات حيث يتم تقييم المنهاج وعدد الأطفال ومواصفات البناء في التعليم الخاص (سواءً من حيث مساحة الباحة، عدد الغرف الصفية، عدد المقاعد، عدد الأطفال في كل صف، عدد المستخدمين، عدد المربيات … إلخ)، وخلال زيارات الموجهة المسؤولة عن رياض الأطفال كانت تقدم لنا تقارير عن بعض الروضات التي تفتقد وتفتقر لأدنى الشروط المطلوبة فيها كروضة سواء من حيث البناء أو المربيات أو غير ذلك وفي المقابل هناك روضات نموذجية تتوفر فيها كل الشروط المطلوبة في الروضة أما المناهج فهناك روضات تلتزم بالمناهج المقررة من قبل وزارة التربية وهناك بعض الروضات لا تلتزم بتلك المناهج وغالباً ما تلتزم بمنهاج الصف الأول وهذا مرفوض.
التــــوزع الجغـــــرافي للروضـــــات
معظم مؤسسات رياض الأطفال ربحية تجارية لا تتم مراعاة التوزع الجغرافي لافتتاح هذه الروضات، وأصبح هناك انتشار كبير لهذه المؤسسات فبين الروضة والروضة روضة، بالإضافة إلى عدم التزام المديرين بأسس اختيار المربيات وخاصة في مؤسسات رياض الأطفال الخاصة، حيث لا يأخذون بعين الاعتبار المؤهلات العلمية للمربية، فهناك الكثير من الروضات لا توجد فيها مربية مختصة بتعليم اللغة الانكليزية أو الموسيقا لتنمية المواهب وصقلها، كما أنَّ بعض الروضات لا يوجد فيها إشراف صحي وزيارة الطبيب لرياض الأطفال يجب أن تكون شهرياً ومعظم الروضات لا تتقيد بذلك، وبعض الروضات تغفل عن إعداد ملفات لتنظيم جوانب العمل في الروضة، حيث يجب إعداد ملفات خاصة بكل طفل، وأخرى تتعلق بالجانب المالي وملف عن دوام المربيات، وملف عن إيرادات الروضة وغيره وذلك حسب المرسوم التشريعي (55) لعام /2004/ حيث نصّ المرسوم على تحديد الملفات والسجلات الواجب تواجدها في كل روضة، ويجب أن تأخذ مديرية التربية بعين الاعتبار الوضع الإداري الخاص والحكومي وذلك عن طريق إخضاع الرياض الخاصة قبل العامة لدورات إعداد وتدريب، ويجب أن تكون هناك هيئات تدريبية متخصصة بمجال إعداد البرامج والدورات التدريبية بكل مديرية من مديريات التربية في المحافظات تحت إشراف وزاري، بحيث تراعى الظروف الزمانية والمكانية للمتدربين دون إغفال أهمية تدريب المربيات، علماً أن مديرية التربية تركز من خلال متابعتها وإشرافها على رياض الأطفال الخاصة على شروط الترخيص- البناء- اعتماد المناهج فقط لا أكثر من ذلك، عندما يتم تحقيق تنمية مهنية مستمرة في الأداء الإداري للمدير فإن ذلك ينعكس بشكل مباشرٍ على تحقيق تنمية مهنية لدى المربيات، وبالتالي ينعكس ذلك على الأطفال بحيث يتم تطوير شخصيتهم من جميع النواحي وتحقيق نموٍ شامل ومتكامل دون إغفال أي جانب من الجوانب المناهج التربوية.
بعض الرياض تقيدت بمناهج وزارة التربية والبعض الآخر اعتمد مناهج خاصة علماً أن رياض الأطفال يجب أن تعتمد على أسلوب التعليم باللعب داخل الروضات لإكسابه المهارات فالتعليم السماعي هو المطلوب في هذه المرحلة العمرية للأطفال.
× الدكتورة ميسون حسن – اختصاص مناهج: كل مؤسسة من مؤسسات رياض الأطفال تعتمد منهاجاً خاصاً بها علماً أنه هناك منهاج صادر عن وزارة التربية لكل الروضات ولكن أغلب الروضات لا تتقيد علماً أننا لا نطلق على كتب رياض الأطفال مناهج وإنما كراسات أطفال، بحيث يحصل الطفل من خلال هذه الكراسات على خبرات معينة يجب أن يحصل عليها الطفل في هذه المرحلة من عمره (كربط شريط حذائه- ترتيب سريره) مع وجود هامش لأنشطة ولعب ضروري للطفل.
× أما الدكتورة مطيعة أحمد رئيسة قسم المناهج في كلية التربية فقد أكدت أن معظم مؤسسات رياض الأطفال تعتمد منهاج الصف الأول بسبب الثقافة المجتمعية لدى الأهل فالأهل يطالبون الروضات بتعليم الطفل القراءة والكتابة بحيث يدخل إلى الصف الأول وهو يعرف كل شيء وهذا خطأ فادح يقع فيه الأهل والروضات لأنه في مرحلة رياض الأطفال ليس المطلوب تعليم الطفل القراءة والكتابة ففي رياض الأطفال هناك ثلاث فئات عمرية هي: الفئة الأولى: 3 – 4، الفئة الثانية: 4 – 5، الفئة الثالثة: 5 – 6 فالفئة القادرة على القراءة والكتابة هي الفئة العمرية الثالثة أما باقي الفئات فتحتاج إلى التعليم عن طريق اللعب فقط.
× كما التقينا الدكتور فؤاد صبيره – رئيس قسم الإرشاد النفسي: كلية التربية تعمل على تعزيز المهارات والخبرات عند المربيات في رياض الأطفال واعتبار الطالبة يجب أن تكون مخرجاً مساعداً في عملية التنمية في كافة المجالات هناك بعض المقررات في كلية التربية تعنى بهذا الجانب المرتبط بتعزيز مهارات وقدرات الخريجين في عدة مستويات منها ما يتعلق بالصحة النفسية للأطفال في الرياض من خلال تحقيق معايير وشروط تسهم بشكلٍ فعّال في تحقيق التكيف والتوافق والتوازن الانفعالي لهؤلاء الأطفال كما تؤكد بعض المقررات التي يتم تدريسها من الاستفادة من مواقف اللعب من أجل استثمارها في عدة أصعدة سواء على المستوى الخاص بالتسلية وقضاء الوقت أو اللهو ومن جهة أخرى من خلال مواقف الهدف منها معرفي وتحصيلي وفيه يتم التأكيد على أن يمارس الطفل أنواعاً معينة من اللعب تسهم في نمو شخصيته وصقلها من كافة النواحي النفسية والاجتماعية والأخلاقية والحركية وبعضها الآخر يكون الهدف منه ترويجي وتفريغي للطفل فكلما يجب تفريغ الطاقة الزائدة يجب بالمقابل أيضاً العمل على تجديد تلك الطاقة من جهة أخرى وهنا يكمن عمل مربيات رياض الأطفال من خلال الاستفادة من الخبرات الإرشادية التي يكتسبونها في سنوات الدراسة من هنا نؤكد على ضرورة أن تكون ممارسة مهنة تربية الأطفال ما قبل المدرسة مهنة منوطة بخريجي كلية التربية – قسم رياض الأطفال وللأسف لا يتماشى الواقع مع هذه الرغبة كون معظم مربيات رياض الأطفال لا يحملون شهادة رياض الأطفال وبالتالي تنقصهم الكثير من مهارات التعامل مع تلك الفئة لذلك نأمل من القائمين على تلك الرياض في القطاعين الخاص والحكومي العمل على الاستفادة من ذوي الاختصاص في هذه المجال.
ويجب أن تراعى في الروضات البنية المادية والبناء من حيث المواصفات المطلوبة بما يحقق جودة التربية والتعليم في تلك الرياض وهنا نؤكد على ضرورة إجراء دراسات الهدف منها تتبع الواقع الحالي لتلك الرياض من حيث تحقيقها للشروط التعليمية من جهة والصحية من جهة أخرى كما نؤكد على ضرورة أجراء أبحاث فيما يتعلق بمنهاج موحد لتلك الروضات كي لا تظهر فروق تنعكس لاحقاً على هؤلاء الأطفال عندما يدخلون مرحلة التعليم الأساسي (الحلقة الأولى) لذلك نجد أنه من الضروري أن تكون العلاقة متينة بين عمل تلك الروضات من جهة ومديرية التربية من جهة ثانية، وعدم السماح بافتتاح أو إحداث روضات ما لم تشرف عليها وبشكل حقيقي الجهات المعنية، كما يجب أن تدعم تلك الرياض بكافة الألعاب التعليمية وغير التعليمية وأن لا تحتوي صفوفها على أعداد كبيرة من الأطفال وأن تكون مجهزه بكاميرات تتبع سلوك الطفل ومراقبته وملاحظته بشكل فعال كما يجب تمكين العلاقة بين الكادر التربوي في تلك الرياض والأهل عند ملاحظتهم لأي خلل. × أما الاستاذ الدكتور غسان بركات النائب الإداري في كلية التربية فقد قال: هناك مفهومان أساسيان نعمل عليهما وهو أن على المعلم أن يكون متعلماً وعلى المربي أن يكون متربياً، نحن نعمل على إنشاء شخصية متوازنة متكاملة لسلوك المعلم والمربي ليكون متميزاً في أدائه ومنهجيته الفكرية لذلك نفكر دائماً في أن تكون المناهج ملتصقة بالواقع المشخص الملموس ودراسة حركة تطور ووعي المجتمع فمن خلال دراسة الوعي الاجتماعي يظهر معنا دراسة الوعي التربوي فمهمتنا هو التركيز على الطفل وعدم إحباطه في القيام بالتعلم وشعوره وغرس شعور التعامل مع المعلم حتى يكون هناك عملية تواصل وليس تفاصل معرفي والمهم في المربي ان يعزز الدافعية الروحية للطفل لأننا عندما نعزز الدافعية الروحية تظهر طاقات جديدة إبداعية ومعرفية وعلمية لأن الإنسان في طبيعته طاقة للإبداع والعطاء لذلك لابد من تزويد الطفل بمهارات وخبرات وقدرات على التكيف الانفعالي والاحترام المتبادل كمهمة تربوية يجب الأخذ فيها، وحتى تنجح الروضة يجب أن يكون هناك تواصل أسروي مع الروضة فالعملية التربوية تختلط ما بين الأسرة والروضة وكل منهما يسعى لبناء شخصية هذا الطفل فقد تكون هناك تربيات في الأسر متعددة ومختلفة تصطدم بفاعلية التربية في الروضة، فالنجاح يكمن في هذه النقطة لذلك لابدّ من وجود مرشدين نفسيين وتربويين يحتضنون هذا الشيء لإظهار الروضة على أكمل وجه من ناحية التربية والتعليم، ويتوجب على مديرية التربية وضع اختصاصيين وتدريبهم على خبرات ومهارات متعددة لكيفية التعامل مع هذا الطفل ضمن المجال الإنساني التعليمي الأخلاقي التربوي.
نافلة الكلام
إن معظم مؤسسات رياض الأطفال تحولت من مؤسسات تربوية غايتها صناعة الإنسان ليصبح هذا الإنسان في صفاءٍ فكري ونقاء خلقي إلى مؤسسات ربحية هدفها الأول والأخير جمع المال والربح السريع، فمؤسسات رياض الأطفال هي الخطوة الأولى لتعليم الطفل وإكسابه المهارات لذا تحرص البلدان المتقدمة على تنمية عقول هؤلاء البراعم أما في الكثير من روضاتنا فقد غابت هذه الغاية أو تراجعت ولاسيما في ظلّ غياب الإشراف الحقيقي والفعّال لمديرية التربية على الروضات الخاصة منها والحكومية فعملية الإشراف على الروضات كما أكد بعض العاملين في مديرية التربية تتم عن طريق احتساء مناوب التربية فنجان من القهوة في مكتب مدير الروضة وكتابة التقرير بشكل اعتباطي دون معرفة حقيقية لآلية عمل الروضة ووضع مربياتها وما إلى ذلك من أمور يجب مراقبتها ومتابعتها لتطوير عمل الروضة وانعكاس ذلك على بناء شخصية الطفل وتربيته تربية سليمة وصحيحة وهذا يتطلب وجود مشرفين حقيقيين على الروضات من كلية التربية لأخذ الاعتبارات في أنماط الدراسة وتفعيلها بشكل أفضل مما هو عليه الآن والتركيز على عملية التوجيه والإرشاد والتنبيه لكثير من المعطيات التي تجعل من هذا الطفل صورة معبرة عن مجتمعه وأخيراً لابدّ من طرح السؤال التالي:
ماهي الجدوى من افتتاح كلية رياض الأطفال إذا لم يتم تفعيل دور الخريجين ووضعهم في المكان المناسب والاستفادة من خبراتهم في تعليم وتربية الطفل في مؤسسات رياض الأطفال، لذا لابدّ من إعادة سنّ القوانين التي لم تحدد نوع الاختصاص لمربيات رياض الأطفال وغيرها من القوانين وإحداث تغيير في منظومة رياض الأطفال بحيث يتم تحقيق الفائدة المرجوة في بناء الطفل وصناعته صناعة صحية وسليمة.

ربا صقر – حليم قاسم 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار