الوحدة 18-7-2021
يعدّ اختيار الفرع والاختصاص الذي تسمح به المفاضلة الجامعية للتعليم العام أو الموازي أو المفتوح أو الافتراضي أو مفاضلة الجامعات الخاصة قضية مصيرية وهامة جداً للناجحين في الشهادات الثانوية لأنها ستحدد مستقبلهم في الحياة، وأمام هذا الاختيار المصيري ينهمك الأهل مع أبنائهم في اختيار الفرع الدراسي الأنسب والأوفر حظاً في سوق العمل بعد التخرّج، وهناك عوامل أخرى تؤثر على خيارات الطلاب غير علامات الطالب في الشهادة أو رغبته الشخصية..
يعدّ نوع العمل ودخله المادي وتوافره في سوق العمل المحلي في القطاعين العام والخاص وفق قانون الطلب والعرض للشهادات الجامعية العامل المؤثر الأول على اختيار الطالب للفرع الدراسي حسب ما تتيحه له المفاضلة الجامعية وشروطها. ويسمح الوضع المادي الجيد للأهل بمجالات أوسع لتعليم للطالب فيمكن دراسة الطب والصيدلة بالمال الوفير، ويؤثر الموقع الجغرافي لمكان الدراسة ومشاكل وتكاليف التنقل والإيجار على متابعة التعليم حيث سيضطر أبناء الأسر ذوي الدخل المحدود إلى الدراسة في الجامعات والمعاهد الأقرب إلى مسكنهم ويخسرون اختصاصات متاحة أفضل في الجامعات الأبعد.
عموماً تكون الميول الأكبر لغالبية الطلاب المتفوقين وذوي العلامات شبه التامة هي دخول كليات الطب والصيدلة، وبالنسبة للطلاب الذين يتبعونهم بمجموع أقل فأمامهم كليات الهندسة المختلفة، أم الطلاب ذوي العلامات الأدنى يبقى لهم باقي كليات العلوم والآداب الإنسانية والتجارة والمعاهد الهندسية والمهنية والفنية.. إلخ.
ويرى بعض المتقدمين أن دخول كليات الجامعة الأدنى علامة في سلم المفاضلة هو أفضل من كليات الأعلى علامة والأكثر تهافتاً ورغبةً من قبل المتفوقين إذا تمّ النظر إلى طبيعة العمل وتوفر فرصه في القطاع العام والخاص، مثلاً المدرسون خريجو كليات العلوم والآداب لديهم فرص أكبر بالعمل في المدارس العامة والخاصة والمعاهد وإمكانية إعطاء الدروس الخصوصية التي تحسّن من دخلهم إضافة إلى ميزات ساعات العمل الأقل ووجود عطل ربيعية وصيفية وإمكانية العمل الحر، في حين لا يتمتع المهندسون العاملون في الوظائف العامة بفرص عمل رديف آخر بسبب الالتزام في الدوام الرسمي حتى الساعة الثانية والنصف يومياً على الأقل، وبالتالي هذا ما يجعلهم رهينة للراتب الشهري المحدود.
من جهة أخرى يحتاج سوق العمل الحالي فعلياً إلى الكثير من الأيدي العاملة الفنية والمهنية وخصوصاً من خريجي معاهد أكثر من خريجي الكليات الجامعية، ويتقاضى أصحاب الاختصاصات الفنية والمهنية في القطاع الخاص أجوراً تفوق بكثير رواتب المجازين الجامعيين في القطاع العام.
يتضح أن عملية الاختيار للفرع الجامعي تحتاج إلى مراعاة كل الأمور الأنفة الذكر ولا تقاس بالبرستيج من لقب الذي نحصل عليه من التعليم الجامعي كمهندس أو مجاز جامعي أو حتى خريج دراسات عليا إذا أراد الطالب استثمار دراسته في إيجاد عمل مستقبلي يضمن معيشته.
زاهر البركة