بوادر غير مشجعة في رأس البسيط مع بداية الموسم السياحي

الوحدة 12-7-2021

 

شاطئ يكاد يكون مهجوراً لولا بعض القلة المنتشرة هنا وهناك.. منطقة البسيط الأكثر شهرة بين المناطق السياحية في محافظة اللاذقية، والأكثر جمالاً، تشهد تدهوراً حقيقياً في مستوى الواقع السياحي، وما يواكبه من تدني الوضع الخدمي الذي ألقى بظلاله على كافة مناحي الحياة في المنطقة، حيث تأثر وضع المنشآت السياحية بشكل واضح، إلى جانب معاناة من يسكن في المنطقة من نقص في المياه، وصعوبة في المواصلات، والاستغلال المتأتي عن نفوس ضعيفة لساكني المنطقة ولزوارها، ومع عدم وجود صرف صحي تتفاقم المشكلة من حيث امتلاء الجو بالروائح الكريهة، وتواجد أسراب البرغش والبعوض بشكل بات معه الوضع غير محتمل.

اختلطت الحكايات، وتشعبت، حيث كانت النية في البداية الاطلاع على واقع عمل المكاتب، والتي يمكن أن نطلق عليها مكاتب سياحية إن صح الأمر، ولكن الواقع الذي فرض نفسه قادنا لأكثر من محور… هذا العام لا تلوح في الأفق بوادر موسم سياحي مبشر، ومع ارتفاع الأسعار والوضع الخدمي المتردي، كثير من المنشآت عمدت إلى الإقفال الكلي، وتتعالى الأصوات مطالبة بأن تحظى المنطقة بالتفاتة ممن هو معني بالأمر، متسائلين لماذا الإهمال والتهميش لمنطقة سياحية وحيوية كمنطقة البسيط؟

بداية التقينا مع مجموعة من مواطني منطقة البسيط، الذين تركزت شكواهم على عدم تخديم المنطقة بشبكة صرف صحي، حيث الجور الفنية التي تتسرب منها المياه الآسنة منتشرة بين الأراضي الزراعية، مسببة التلوث، وناشرة الروائح الكريهة، وكما أصبحت عاملاً هاماً في انتشار الحشرات، مما يستدعي من مجلس البلدة القيام بحملات الرش والمكافحة، لأن انتشارها بات كثيفاً، ويدعو للقلق، كما أن بعض هذه الجور الفنية قريبة من آبار مياه الشرب التي تغذي المنطقة من نبع البدروسية، وتتعرض للتلوث من تسريبات هذه الحفر، أي بالمحصلة حتى مياه الشرب باتت غير مضمونة النظافة، وأضافوا بأن عدم ترحيل القمامة التي تترك لأيام طويلة عرضة للحيوانات تعبث بها تشكل عاملاً إضافياً لانتشار الروائح والبعوض، حيث ذكروا أنه لم يتم ترحيل القمامة لفترة طويلة والحجة جاهزة عدم توفر المازوت..

كما أكد أصحاب المكاتب السياحية والشاليهات على نفس المتاعب، مع الإشارة إلى أن سوء الوضع الخدمي قلّص عدد الوافدين إلى المنطقة، فبعد أن يكون السائح قد وضع بحسبانه أن يطيل أمد زيارته يصطدم بالواقع، فيقطع إجازته حيث  الكهرباء في فترة الوصل لا تكفي شحن البطاريات (اللدات) ومياه الشرب غير متوفرة مما يضطره لشراء غالون المياه الذي يصل سعره لألف ليرة سورية.

 كما تفتقر المنطقة لشبكة صرف صحي، ولا يخفى عن البال المشكلة الأهم وهي مشكلة الخبز التي تتفاقم في فترة السياحة، وبالكاد تكفي مخصصات الفرن الوحيد الموجود في البسيط في دور الراحة العمالية أبناء المنطقة، فمع عدم توفر هذه المقومات لجأت معظم المنشآت للإغلاق.

يقول فادي راعي (مسبح رأس البسيط): يفترض بالمنطقة السياحية أن تتمتع بمقومات سياحية جيدة مشجعة، ولكن الوضع يدعو لليأس، مؤكداً على أنهم ملتزمون بدفع الضرائب للبلدية مقابل ما تقوم به من خدمات، وهي غير ملتزمة بها، لافتاً بأن نسبة السياح الوافدين للمنطقة انخفضت حوالي ٥٠ ٪ مقارنة بالعام الماضي.

كما ذكر السيد عمار أبو نديم هرمز صاحب مجمع الحرية (مكتب وشاليهات ومطعم): لا كهرباء ولا غاز، إذ نضطر لشراء جرة الغاز ب٦٠ ألف ليرة سورية، هذا إن توفرت، ويقول بأنه يضطر لحرق القمامة التي تتجمع لأيام، مضيفاً بأن أصحاب مكاتب السفريات وقعوا تحت وطأة سحب تراخيص مكاتبهم منذ حوالي ٧سنوات، وكما تم رفض منحه رخصة لتركيب (شماسي) على البحر لتحسين وضع مطعمه في ظل الظروف الحالية، ولتحسين مستوى الخدمات المقدمة للسياح، لافتاً إلى أنه دفع مقابل ٢٠٠ متر ترخيص لمطعم شعبي مليوناً ونصف المليون ليرة سورية، والسبب وراء عدم منحه الترخيص بأن المطعم يأخذ نفس الصفة، ويعود ليؤكد البعض ممن آثر ألا يذكر اسمه لاعتبارات عدة  بأن أكثر ما يعرضهم للغبن ويؤثر على وضعهم المادي أيضاً بأن المكاتب السياحية التي كانت تقوم بتأمين السياح ونقلهم بين المحافظات في بداية الأزمة، تم إلغاء التراخيص لها بحجة الوضع الأمني الذي فرضته الأزمة حيث يسمح (للبولمانات) بنقل الركاب من المحافظات إلى البسيط مباشرة، ولكن العودة من البسيط ممنوعة، مما يؤثر على السائح وعلى صاحب المكتب ليبقى الرابح الوحيد هم أصحاب السرافيس منتهزين الفرصة لاستغلال السائح من وراء الطلبات الخصوصية واضطراره لدفع مبالغ إضافية ومرتفعة ليصل كراج البولمان في اللاذقية، وأيضاً من حوالي السنتين تقدم البعض ليتم منحهم تراخيص جديدة لافتتاح مكاتب سياحية تم رفضها من قبل محافظ اللاذقية وعلى حد قولهم رغم حصولهم على الموافقات الأمنية لذلك إلا أن مطالبهم لم تلق أذاناً صاغية.

وعن أسعار آجارات الشاليهات بيّن صاحب مكتب الأميرو أبو الحنان أن الأسعار تتراوح بين ٢٥ -٣٠ ألف ليرة سورية في اليوم الواحد حسب تجهيز الشاليه وخدماته ونظافته وحسب قربه أو بعده عن شاطئ البحر.

 فيما ذكر مدير دور الراحة العمالية في البسيط باسل قصير أن المنشأة المؤلفة من قسمين خدمي ٥٨٩ شقة جاهزة تقدم للعامل بأسعار رمزية وقسم سياحي يضم ٩٥ شقة مجهزة بأفضل التجهيزات وبأسعار مقبولة تتناسب مع مستوى التجهيزات المقدمة، لافتاً بأن القائمين على دور الراحة حريصون على تأمين كافة المستلزمات والأجواء المريحة للوافدين من خلال تجهيز كل ما يلزم لاستقبالهم، حيث علقت إحدى الوافدات من دمشق (منذ عشر سنين نأتي لدور الراحة العمالية في البسيط  هذا وإن دل يدل على مدى الالتزام بكافة المعايير التي تضمن للعامل الموفد بأن يقضي إجازته في أفضل حال والذي يشكل دافعاً لتكرار الزيارة في كل عام)

وأخيرا تبقى الأمور بالنسبة لأصحاب الشاليهات ومكاتب السفر والسياحة تنتظر من يبت القرار لحل إشكالاتها قبل أن يولّي الصيف وتبقى الحالة معلقة لصيف آخر وموسم سياحي قد يكون؟!

نجود سقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار