الوحدة 8-6-2021
إن مدى انسجام العلاقة بين الطفل ووالديه هو الذي يحدد احتمال حدوث مشاكل في تربية الطفل مستقبلاً . ولكي نتمكن من فهم وتبني الأسس السليمة للتربية الصحيحة ونساهم في بناء شخصية ناجحة ومتكيفة لأطفالنا… علينا كأهل أن نكون على درجة من الوعي للكم الهائل من المتغيرات والتقنيات التي باتت إحدى السمات البارزة لهذا العصر المتسارع بأجهزته وأدواته وأساليبه .. فآثار هذه التقانات المعاصرة لم تنحصر في الجانب المادي من خلال أسعارها المرتفعة فقط ، بل تعدته إلى شؤون وقضايا تربوية واجتماعية ونفسية تهدد القيم والسلوك بأخطار لا تحمد عقباها وإلا فكيف نفسر تسمر أطفالنا أمام أجهزة التلفزيون لحضور ما تبثه القنوات الفضائية مع كم هائل من المؤثرات وأساليب الجذب من دون أي نوع من أنواع الرقابة على ما تقدمه أو حتى من دون رقابة الأهل الذين يجدون في هذه الأجهزة وسيلة لأطفالهم لتمضية أوقات فراغهم بعيداً عن ضجيجهم في المنزل؟ فقد حذرت دراسات عدة أن ثقافة متابعة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في العديد من المجالات وتراجع أهمية العائلة وزيادة العلاقات المادية هي من العوامل التي تؤدي إلى انهيار القيم لدى الأطفال. وذكرت مصادر الدراسات : أن الأطفال يلتقطون رسائل غير صحية ويحكمون على النجاح من خلال الحصول على مواد مادية، فيما يتعامل الأهل مع أولادهم على أنهم ممتلكات . ووجدت الدراسة أن قيم المجتمع في أوساط الأطفال لم تعد متينة كما في الماضي . وقال الخبراء أن العائلة كانت أساسية في تعليم القيم في المدارس والمجتمع. وركزوا على ضرورة أن يضع الأهل حدوداً واضحة أمام أطفالهم كي يساعدوهم على تعلم الصواب من الخطأ. وقالوا أنه يفترض بالأطفال أن يحصلوا على فرصة تطوير مجموعة خاصة بهم من المعتقدات التي تلائم احتياجاتهم وتطلعاتهم في عالم تسوده التقنيات الحديثة وتحكمه التطورات السريعة . لكن الخبراء حذروا من التركيز على الإنجازات المادية بدلاً من التركيز على نمط حياة متواضع وعلاقات وثيقة مع الأبناء . فالأطفال يتعلمون معظم قيمهم ومواقفهم من عدة أمور في المجتمع من الراشدين، وثمة أمور كثيرة تؤثر على القيم التي يتعلمونها في ظل المتغيرات الجديدة التي طرأت على عالمهم . وأضافوا أن ارتفاع المستوى المادي في العلاقات إلى جانب الانشغال بما تبثه القنوات الفضائية وغيرها عن المشاهير بالإضافة إلى المسلسلات والبرامج التي تمجد القيم الغريبة و كذلك تراجع شبكات الدعم من المجتمع والعائلة الكبرى هي كلها عوامل سلبية. وأعرب الخبراء عن مخاوفهم من الرسائل السطحية التي يلتقطها الأطفال من وسائل الإعلام. وبدورنا نطرح السؤال الأهم فيما يخص مجتمعاتنا التي تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذا النوع من الرسائل غير السطحية التي تصلنا والتي صارت جزءاً مهماً من ثقافة تلهث وراءها أجيالنا على اختلاف مراحلهم العمرية والتعليمية وتبحث عنها بكل الوسائل والسبل لتجعلها منظومة قيمية تفاخر بامتلاكها وتسعى لترسيخها كأحد المقومات التي سيتمايز بها جيلنا الجديد عن الأجيال التي سبقته .. فمتى نبدأ بطرح الحلول والعمل بجد لتفادي خطر هذه المنظومات القيمية التي تروج لها هذه الثقافة.
فدوى مقوص