منال محمد.. على اليوتيوب وجدت شغفها

الوحدة 8-6-2021

لم تكن لتختلف حياة منال محمد، المولودة عام 1986 والأم لولدين، أولهما في الصف الثامن، وثانيهما في الصف السابع، عن غيرها من ربات البيوت المناضلات، لولا أنها وجدت صنعة أحبتها، وتعلمتها، ليساندها زوجها المحب، ولتبدأ عملها ضمن ورشتها المتواضعة، التي استأجرتها منذ عامين في طرطوس، وعن حكايتها ونقطة التحول في حياتها تحدثنا منال التي تركت الأدب العربي، ولم تكمله في سنتها الثالثة، حين اكتشفت أنه ليس لديها الرغبة بأن تتابع بهذا المجال، أو أن تصبح معلمة، لتنشغل بعد ذلك بتربية طفليها، والعناية بمنزلها.

 لسنوات عدة كانت تشعر فيها ككل أم لصغيرين بأنها مستهلكة، ولا وقت لها إلا الساعتين اللتين تتبعان موعد نومهما، حيث كانت تتصفح حين يسمح لها الوقت أخبار مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة، قبل أن تتوجه فعلياً لليوتيوب وعن هذه النقطة تقول : كنت أحب الإكسسوارات، وتلفتني تصاميمها المميزة، كغيري من الفتيات وبشكل عفوي بدأت أفتح قنوات تعلم كيفية الصناعة، وأتعرف بالمواد الأولية لهذه الصناعة، ومن ثم بدأت بالغوص بأدق تفاصيل التنفيذ، وهكذا بات الوقت يمر وتنقضي الساعتان دون أن أشعر، لأنتقل لمرحلة شراء المواد الأولية المتوفرة، وأحاول تصنيع ما أرى بيدي، ليصبح لدي العديد من القطع التي نالت إعجاب عائلتي وعائلة زوجي، لأنتقل بعدها لمرحلة رغبة محيطي الصغير باقتناء ما أصنعه، ومن ثم لطلب نماذج معينة أو هدايا خاصة يأتون بصورها لي لتنفيذها، وكنت أفرح وأستمتع بكل إنجاز ونموذج أنجح بتنفيذه مع متابعة عالم اليوتيوب الواسع، والذي كان يعلمني الكثير، حيث لم أضطر لتسجيل أي دورة بهذا المجال..

وفي بداية 2020 أتتنا وزوجي دفعة من المال وجلسنا نفكر ما يمكن أن نفعل بها حتى وصلنا وبدعم كلي من زوجي الحبيب إلى فكرة الانتقال إلى طرطوس واستئجار محل لأمارس هذه المهنة على صعيد أوسع، وذلك ما كان، حيث قمنا بشراء المواد الأولية لصناعة الإكسسوارات المختلفة التي بدأت بشغلها من الأقراط إلى السناسل وسلاسل النظارات الأساور والخلاخل واكسسوارات الشعر الكريستالية المتنوعة وطارد الأحلام وغيرها مما بات يطلب مني من الزبائن ومن ثم بت أميز بين الأنواع الأفضل من المواد الأولية وأعرف التجار الأنسب للتعامل معهم بعد التوجه لدمشق والبحث عن المصادر الأفضل للشراء، ورغم أن افتتاح ورشتي كان قد تزامن مع إغلاقات كورونا إلا أنني تفاءلت بالخير وصبرت وصولاً لليوم حيث توقفت عن شراء كلف الخياطة وبات تركيزي على الإكسسوارات التي أنفذها بشكل خاص بعد لمسي لقبول الناس، فرغم الأحوال الاقتصادية المعروفة في البلاد أكرمني الله بزبائن مهتمين بالحصول على القطع والهدايا المميزة ومنهم من يجلب لي الأحجار الكريمة لتشكيلها كأقراط أو عقود أو كعلاقات للمفاتيح مثلاً، كما بت أعرض أحياناً مشغولات للصبايا الذين يشترون المواد الأولية ويصنعون قطعاً مميزة لا مكان لديهم لعرضها للبيع كما تشكلت لدي مجموعة من العلاقات الطبية بصبايا يجدن التطريز وأصبحت أرسل أعرفهم بزبائن يرغبون بالتطريز أو الكروشيه وغيرها، واليوم باتت لدي صفحة على موقع فيسبوك بمساعدة ابنة خالتي التي باتت تصور ما أنجزه وتنزله بشكل دوري وتتابع التواصل مع مطالبات المهتمين بهذه القطع، وحول سعر القطع التي تنفذها تلفت منال أن السعر يتحدد بحسب كلفة وجودة المواد المستخدمة مع تحديد قيمة شغل يدي بشكل مناسب لي وللناس ثم تبتسم وتقول مع أن تثمين القطع وعمل اليد لا يحدد بسعر مضيفة أنها تحزن أحياناً عند بيع بعض القطع التي تحبها وتترك أثراً في قلبها.. أما عن استعدادها لتعليم الراغبات هذه الصنعة فتضيف منال: لا أشعر بأني جاهزة لهكذا أمر بعد ولكني أنصح كل امرأة بأن تجد وتتعرف على ما تحب وتتعلمه دون نسيان الاستفادة من التكنولوجيا التي جعلت العالم قرية صغيرة وأتاحت المعلومات والتعلم بشكل مجاني وموسع لكل صاحبة حلم لأنه حينها ستبدع وستنجز وستساعد نفسها وعائلتها على الحلم والإنجاز والعمل كما أن الحياة كريمة تعطينا وتدفعنا للأمام كلما آمنا وعملنا بحب وصدق.

رنا الحمدان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار