هل يشكل الأنترنت عاملاً منافساً في تربية أطفالنا؟

الوحدة 19-5-2021

 

 بعد أن تعددت المجالات والآفاق التي يستطيع من خلالها أطفالنا التعامل مع التقانات الحديثة وأجهزتها المختلفة التي غزت هذا العصر، باتت هذه التقانات تشكل إحدى الوسائل الهامة لرفد ثقافتهم ومعارفهم ومعلوماتهم بكل ما هو جديد ومتطور، فأصبح أطفال اليوم جيلاً يتخطى بذكائه ومهاراته وإمكاناته- وحتى بخياله وآفاقه- مرحلته العمرية على اختلاف درجاتها، وتزامناً مع انتهاء العام الدراسي وبداية العطلة الصيفية، لو توجهنا بالسؤال الآتي لمجموعة من الأطفال واليافعين عن الكيفية التي يتم فيها استثمار أوقات فراغهم أثناء هذه العطلة– أو حتى خلال سنتهم الدراسية– فإننا سنحصل على إجابات متقاربة كممارسة بعض الهوايات (القراءة– الرياضة بأنواعها- الرسم…) لكن الإجابة المشتركة بينهم ستكون: أنهم يقضون جلّ أوقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فرغم صغر سنهم أصبحت التكنولوجيا المتقدمة هي الأقرب إليهم، حيث باتت أجهزة الأنترنت والهواتف المحمولة بكل تطبيقاتها المتقدمة تمثل قاسماً مشتركاً في أغلب البيوت، لا يمكن الاستغناء عنها وهذا ما يثير الكثير من القلق لدى بعض الأسر التي ترى في الأنترنت سلاحاَ متعدد الوجوه، ينبغي الانتباه إليه وبخاصة فيما يتعلق بمحتوى المواد التي يشاهدها الأطفال، فقد أظهرت دراسة حديثة- أن بداية استخدام الأطفال للإنترنت يكون لإجراء البحوث وإنجاز الواجبات المدرسية اليومية، ولكن سرعان ما يصبح ذلك الهدف أمراً ثانوياً، حيث ينخرطون في الأنشطة الاجتماعية وتبادل المحادثات مع الأصدقاء والتعارف، ومشاهدة الأفلام وتحميل الأغاني، وغيرها، وينتهي الأمر ليصبح الشيء الوحيد الذي لا يمكن الاستغناء عنه أبداً في حياتهم….

إن هذه الظاهرة لا ينتج عنها تأثيرات فردية فقط، وإنما يترتب عليها نتائج سلبية على نطاق واسع، تتمثل في التأثير على مستوى الأطفال من الناحية الدراسية، وتغير سلوكياتهم بشكل سلبي، نتيجة لِما يرونه ويتعاملون معه في هذا العالم الافتراضي، مما ينتج عنه في نهاية الأمر وجود جيل افتراضي غير قادر على التواصل مع المجتمع الذي يعيش فيه، وغير قادر على التعامل مع من حوله إلا من خلال العالَم الافتراضي الذي تعوَّد عليه منذ صغره، ونحن بدورنا نقول: إن تأثير الأنترنت على الأطفال أشد وأقوى من أي تأثير آخر للأسرة أو المدرسة، فقد أصبح يشكل عاملاً منافساً في تربية الأطفال، وبات يؤثر بشكل مباشر على سلوكهم وقيمهم وحكمهم على العالم الخارجي من حولهم، وبالتأكيد لا يكمن الحل في حرمان الأطفال من الأنترنت وإنما بتنظيم علاقتهم به من خلال إخضاعهم للمراقبة والاستعانة ببرامج تنظم مشاهداتهم على النت وتعبئة أوقات فراغهم بأشياء مثمرة ومفيدة لأن مسألة علاقة أطفالنا مع الشبكة العنكبوتية لا تقل أهمية عن أي شأن اجتماعي يأخذ منا صدارة الاهتمام، فهؤلاء الأطفال الذين تفتح وعيهم في عصر المعلومات الفائق السرعة سيشكلون جيل الغد الذي نعوّل عليه في التقدم بمسيرة التنمية العلمية والاجتماعية والثقافية لمجتمعاتنا.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار