أسواق وناس بعد العيد…

الوحدة 18-5-2021

 

يقفون خارج المحل ويحملقون في الأشياء التي عرضت على الواجهات ولا يدخلونها إلا للسؤال, حيث يعترضهم جدار صلب في الجواب يفصل بينهم و الشراء, فيخرجون مهرولين بلا أكياس أو أحمال, الكل جاء للفرجة فقط لكن ماذا عن حركة البيع والشراء؟

يقول أبو جويل، صاحب محل أوانٍ زجاجية للمطبخ في شارع القوتلي: نزلت الأسعار ورغم ذلك بقيت القوة الشرائية للناس ضعيفة ولا يأخذون غير ما يحتاجونه من الضروريات والحاجات الاستهلاكية والتموينية للأكل والشرب من الخضار واللحمة والزيت وهو أهم من الزجاج وممكن لسيدة البيت أن تقضيها بطنجرة أو صحنين وتستبدلين الفناجين بكاسات عند الحاجة, فالاستهلاك يأخذ كل الدخل ويمكن تأجيل اللباس والطنجرة إلى حين والاستغناء عنها, انظري حولك سوق الألبسة واقف والأحذية أيضاً فقد باح لي صديقي أنه في العيد لم يبع حذاءين, رغم أنه أقام في متجره رخصة كبيرة لكن أين الناس؟

ويقول أبو حمزة الذي يعمل أجيراً في محل ألبسة نسائية بشارع هنانو كما غيره في كل المحلات: نستبشر خيراً عندما تقف الفتيات على واجهة المحل وندعوها أن تدخل بابه لنحلي لها ونسترخص أي قطعة تختارها, وبعد أخذ وعطاء بالكلام والالتفاف في كل الاتجاهات لينشف رمقنا ويجف ريقنا في فمنا ترضى أن تدخل غرفة القياس وتلبسها لتنادي برفيقتها أن تراها عليها, تتمختر بلباسها وتجول ذات اليمين وذات اليسار لكن ما الذي يجري بعد كل هذا الحوار العقيم؟ البائع يلمّ بضاعته ويطويها ويرتبها في مكانها وهو يتلعثم بالكلام (نكشت كل المحل، قولي لا تريدين الشراء) والزبونة تخرج وهي تضحك باشمئزاز.

وبجانبه محل آخر ترفض الفتاة ذكر اسمها خوفاً أن ينقطع رزقها ونسحب من فمها بعض الكلام الذي أتت عليه بأنه في العيد كانت المبيعات أفضل لوجود السولد, أما اليوم فلا زال الناس مستمرين بعطلتهم، وفي المحل الذي بعده يقبع شاب وفتاة وكلما مر أحدهم على الرصيف وطرقت عيونهم عليه يرددون تفضل وتفضلي, وعند وقوع سؤالي عليهما رفضاً بشدة الإباحة بأي جواب ليقول الشاب: لا نستطيع الكلام ونخشى أن يرانا صاحب عيشنا على الكاميرا فتكون عاقبتنا وخيمة, نرجوك الرحيل. – أبو سليمان، أجير في محل حقائب وجزادين وقد تأبط خيراً في العيد يرد على السؤال والفرح يكسوه ويورد الوجنتين حيث يهلهل ويؤهل بالداخل للمكان والخارج منه: كانت حركة البيع جيدة في العيد والحمد لله, والأسعار خفضناها لتعجب الناس فأغلى جزدان ب20 ألف ليرة والأرخص 7 آلاف ولا زالت أسعار العيد متداولة بيننا إلى اليوم.

وفي محل البياضات يرد علي صاحبه أبو توفيق بعجل بعد أن غادرته إحدى السيدات دون أحمال: ما زلنا نبيع بأسعار العيد الذي وجدنا فيه بعض الرزق والبيع, وكان أفضل من باقي الأيام حيث اللحاف الشتوي المجوز مع شرشف وزوجي مخدات بيع 28 ألف ليرة ولحاف صيفي قطن 100% مجوز كان له العرض الأقوى ب35 ألف ليرة والشتوي القطن 45 ألف أما المناشف لم تجد فرصتها في السولد أو البيع ومناشف الحمام والبرنص مزدوج ب70 ألف ليرة ومنها 80 ألف والرزق على الله. الجوارب على الأرض مفروشة على عجل بلا تناسق ويدب صاحبها الصوت عليها ب500ليرة واليوم صيف فهل من مجيب؟ وزميله على جانبه ينادي على بضاعته من الشورتات التي هي في أوج موسمها وعز زمانها ووقتها الشورت ب5آلاف ليرة وليس من اقترب إليها أو سأل.

 الألعاب البلاستيكية ما سلمت من الغلاء حيث الفتى صفوان الذي ألقى بحمولته على قطعة نايلون فرشها على الرصيف في ساحة الشيخضاهر قال: البندقية الكبيرة ترش الماء ب5آلاف ليرة والمسدس بصوت وضوء ب4آلاف ليرة وسيارة شحن ب6 آلاف وموبايل ب2500 ليرة, هذا كله وينادي عليها (هدايا.. هدايا) وأي هدايا هذه, هل ترضي فتى صغيراً؟ ولم يدن منها أحد ولم تنكب عليها عين، وحتى كرم الذي تعلق عينيه على كل ما في الشارع لم تحظ منه بنظرة والذي أمسكت بيده والدته تجره وراءها على الرصيف, استوقفتها لأعرف منها سبب قدومها للسوق وشارع القوتلي بالذات فردت علي بالقول: في هذا الشارع الحاجات أرخص وتناسب الدخل الضعيف, جئت لأشتري أحذية للبيت والحمام وثياباً داخلية, ولم أشتر من قبل لأني سمعت بأنه في العيد كانت الأسعار ناراً والكل يريد الجديد, وتنخفض بعد العيد الذي تعد له حملة كبيرة للترويج والبيع, ولكن مهما انخفضت الأسعار لا نستطيع أن نشتري غير الضروريات والحاجة الملحة.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار