بناة الحضارات الخالدة

الوحدة 26-4-2021   

 

تهتم الأمم المتطورة بالفكر الحضاري وتعنى به عناية قصوى نظراً لما يشكله الفكر بحد ذاته من قوة تاريخية عظيمة لا تقدر وتاريخ الفكر العربي هو تجسيد لما أنجز على صعيد تأثير التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل.

 ففي بلاد الرافدين أقام الإنسان الرافدي المدن المتحضرة والممالك وقام بتهيئة المستلزمات الكفيلة لدعم وتقوية وتواصل هذا الإنجاز حيث عمل على بناء المؤسسات والهيئات العامة ووضع أنماط فكرية وأسس وقواعد وصفية نظمت بموجبها علاقات الأفراد في المجتمع حيث تعتبر مسلة تشريعات حمورابي سادس ملوك الدولة البابلية التي تحتوي على ( 282) مادة قانونية والموجودة اليوم في متحف اللوفر بباريس الأهم والأعظم على الإطلاق لمئات السنين وهي موضع الاحترام والإعجاب وذلك نظراً لشمولية ما تحتويه وتأثيرها على مبدأ العدالة بصيغ التكامل فعلى سبيل المثال تضمنت إحدى موادها منع القاضي من التراجع عن حكم أصدره وفرضت عليه في حال إقدامه على ذلك عقوبة صارمة هي إقصاؤه من المحكمة أمام زملائه القضاة ورفع الحصانة القضائية عنه , وفي مادة أخرى: إذا شب حريق في بيت رجل ونظر رجل الإطفاء بعينه على أملاك صاحب البيت وأخذ شيئاً من هذه الأملاك فإنه يقذف في الحريق, كما نص قانون حمورابي أيضاً على تنظيم أمور التجارة والعناية بالزراعة والاهتمام بالإنسان واعتباره القيمة العليا في المجتمع حيث قام بتثبيت أركان الأسرة ووطد دعائمها وحدد أوضاع التبني واقتسام الإرث ومركز المرأة الاجتماعي وحقوق المرأة ودور الطبيب وأهميته وأجره وحذر من مخاطر الخيانة بشتى طرقها وأنواعها ونظم أمور الخدمة العسكرية وأكد على ضرورة أداءها والمحافظة على أملاك الدولة وكل ما تتضمنه , ومن أشهر ما قاله حمورابي : إن الآلهة قد ندبتني لإقامة العدل وسحق الشر والفساد ونصرة الضعيف) حيث جسد في تلك المقولة الأساس الصحيح لبناء الدولة القوية التي يسودها العدل, وخلود تشريعاته التي سنها هي خير شاهد على تلك الحضارة وعظمتها.

هلا عدنان سلمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار