الوحدة 19-4-2021
كلَّما دخلت البيت تنظرُ لجدرانه, تقول : طموحي ليس هنا, فيصمت أفراد الأسرة كالمعتاد, ليخيل أنَّ الأيّام قد هجرتهم كطلاء المنزل الذي تساقطت ألوانه , ليظهر تحتها عبوسٌ خريفيٌّ.
تترك المنزل إلى الشَّارع الذي تتسع جذباته لمئات الواجهات و الوجوه, ولأبراجٍ و قصور كلم نها يتّكىء على عمود كهرباء مثل عصاً تزين الحضور بلمعان يرصع الأشياء.
تستمر في تنقلها و تكتشف استراحات و أماكن تقدم وجبات الأحلام قبل وبعد أي طعام.
في المساء تستمر باكتشاف طموحها عبر متابعتها للفضائيات التي تدغدغ التَّمنيات بما تعرضه, فتتوهَّم اجتماع دور الأزياء في فستان واحد ترتديه, أو التقاء ماسات العالم بطوق يلفُّ جيدها!
تحرك يديها فيهتزُّ كل شيء , و .. نافذة تنفتح من أمامها على مشهد تتناوب فيه الجبال و السهول , وعلى أطراف الأنهار أشجار تبتسم بثمارها و ترجوها القطاف, وأفياء تغطي الصَّحارى.
قالت في سرِّها: أشعر و كأنني حارس في متحف للأنانية وأكتفي بالتفرج على طموحات حققها أصحابها.
متى ستسبح الألوان في منزلي وتمتشق كنافورة ربيع دائم؟
سأفتح نافذتي , وأرى بنظارة جديدة, و فعلاً كان المشهد يظهر مدرستها, و من بعيد أطراف الجامعة, وحديقة تضم شجيرات صغيرة, توحي بسقايتها, وحولها أطفال يلعبون من دون أدوات اللعب , وهم سعداء بالجري هنا وهناك.
أغلقت النافذة على ضوضاء تتزاحم داخل كتبها, فرسمت سهماً صوب كل كتاب , وسهماً آخر إلى لوحة تفصل الطموح ساعة بساعة, وخطت على منزلها مشروع طموح كبير, فالرؤية على التغيير أعلى من قمم آسيا, وأعمق من جميع الأودية.
سمير عوض