الوحدة 18-4-2021
تأخذ الأسماء دلالتين: دلالة معنويّة، ودلالة رمزيّة، فمن كان اسمها (تاله) يعني اسمها (النخلة الصغيرة)، ولكن عندما نناديها ننسى ما يدلّ عليه اسمها، فيصبح رمزاً لها لا أكثر.. وهكذا أصبحت معظم الأسماء من حولنا، ومن ذلك أسماء الأشهر العربيّة التي أصبحت رمزاً أكثر منها دلالات معنويّة، ولم تأخذ تلك الأشهر أسماءها إلّا بسبب دلالة معانيها عليها:
ونبدأ بالشّهر الأوّل من شهور العرب، وهو:
محرّم: وسمّي بهذا الاِسم لأنّه أوّل الأشهر الحرم التي حرّم القتال فيها.
صفر: لأنّ ديار العرب كانت تصفر، أيْ تخلو من أهلها للحرب، وقيل: لأنّ العرب كانت تغيّر فيه على بلاد، يقال لها: الصفريّة، وقيل: لاصفرار مكّة من أهلها.
ربيع الأول، وربيع الآخر: لأنّه إذا جاء الرّبيع فيهما كانت الأرض أكثر عشباً وخصباً من سائر الأشهر نفسها في سنوات أخرى.
جمادى الأولى، وجمادى الأخرى: لأنّه إذا جاء الشّتاء فيهما كان الجوّ أكثر برودةً وتجمداً من سائر الأشهر نفسها في سنوات أخرى.
رجب: لأنّ العرب كانوا يعظّمون هذا الشّهر ويتركون القتال فيه، ورَجَب الشّيء: أيْ هابه وعظّمه.
شعبان: لأنَّ القبائل كانت تعود وتتشعب للإغارة بعد وقوفها عنها في رجب، وقيل: يتفرّق النّاس فيه ويتشعّبون طلباً للماء.
شهر رمضان: وكان يسمّى قديماً “ناتق” وهو زمن الحرّ والرّمض، الرّمضاء: شدّة الحرّ، ويُقال: رمضت الحجارة إذا سخنت بتأثير أشعّة الشّمس، فإذا تزامن قدوم شهر رمضان مع الصّيف كان أكثر حرارةً ولهيباً من سائر الأشهر نفسها في سنوات أخرى، وبخاصّةٍ في صحراء العرب.
شوّال: لأنّ الإبل إذا أخصبت فيه بعد أنْ تشول بأذنابها كانت تهزل وتضعف، وقيل: لأنّ ألبان الإبل تشول فيه، أي تنقص وتجفّ.
ذو القعدة: وكانت العرب تقعد فيه عن القتال.
ذو الحجّة: وهو شهر الحجّ إلى بيت الله الحرام (الكعبة).
أمّا كلمة شهر، فهي من الاشتهار: أيْ يشتهر (الهلال) بظهوره في السّماء.
أمّا أسماء الأشهر التي نستخدمها الآن، فهي أسماء سريانيّة أخذ بعضها عن البابليّة، وتعود إلى القرن الثّالث الميلاديّ ٣١٢م وتعني:
كانون الثّاني، وكانون الأوّل: ويدلّ على الثّبات والاستقرار، وهي من ظواهر فصل الشّتاء، وبسبب توقّف العمل بالزراعة، ويكن: من معانيها يمتنع ويتوقّف.
شباط: ويعود معناه إلى شدّة الضرب والجل، بسبب شدّة البرد والرّياح.
آذار: ويدلّ على الضوضاء والجلبة والحروب، من كثرة ما يحدث فيه من عواصف ورعود.
نيسان: ويعني البدء والتحرّك والمباشرة والشّروع.
أيّار: ويعني الضّياء أو النّور أو الزّهر في فصل الرّبيع.
حزيران: وتعني الحنطة أيْ القمح، لوقوع موسم الحصاد فيه.
تمّوز: الحياة، بسبب كمال الصّيف فيه.
آب: ويعني عودة الحرّ واللهيب فيه، وهو شهر (آلهة النّار).
أيلول: ويعني الحزن وانهمار الدّموع (الأمطار) حزناً على تمّوز، وفي اللغة العربيّة يعني: الصّراخ والعويل.
تشرين الأوّل وتشرين الثّاني: وفي السريانيّة: تشري قديم، وتشري حراي، أيْ: تشرين السّابق واللّاحق.
وحتّى أسماء أيام الأسبوع كان لها أسماء مختلفة في الجاهليّة: السبت (شبار)، الأحد (أول)، الإثنين (أهون)، الثّلاثاء (جَبَار)، الأربعاء (دبار)، الخميس (مؤنس)، الجمعة (عروبة)، وأعتقد أنّ كلمة الجمعة وعندما كانت تدلّ على (عروبة)، ثمّ أصبحت أعظم يوم في الإسلام، فهذا يدلّ على أنّ يوم الجمعة هو للإسلام من جهةٍ وللعروبة من جهةٍ أخرى، فترابط الإسلام بالعروبة لغويّ قبل أيّ فكرة لاحقة!!
سـها أحمد علي