الوحدة 18-4-2021
كان بسيطاً كالأرض, حتى نسي علو جدران بيته, وهو الذي غادره إثر مشاجرة, فقد فيها إحدى عينيه, ونصف ملامح وجهه, متخلياً عن صاحبة النظرة التي تثقب الروح و لم يعد يصلح لها إطلاقاً.
كلّ الأسباب التي مرّت, يمكن للمرء أن ينساها بعد دقيقة أو أقل من حدوثها.
كان يرى في إدارة و ترتيب المنزل- أي منزل- حلاً يلملم الإهمال ويبعث الحيوية والتفاهم والاستقرار.
هكذا ابتعد عن منزله ليكون كالسمكة في الماء, لكل من يستدعيه على عدل, لقاء أجر زهيد أقرب للسخرة إلا قليلاً, فيشكو على طريقته, بترديد بعض الأغاني, كمقلاةَ زيت يحركها طاهٍ لا يتوقف عن الطهي.
وأخيراً أيقظه الرحيل, ولأنه لا يملك عدة السفر وتكاليفه, كانت محاولاته سيراً لمئات الأمتار بقدمين كحافري حصان كما أسماه أحدهم, والعودة بمرارة أحداث يقصها, فيغرق بتعليقات كالمطر!
إلى أن كان له ما أراد , لتنقطع أخباره سنة كاملة, ثم يعود غصناً يهتز كرماً.
ولأن ذكرياتهم عنه منكسرة, فقد أصلحوا الانكسار ورمموه بعطاياه, وهكذا إلى أن أفصح عن يسره وقال: أصلحت منزلي وصار مناسباً لغيري، أما منازلكم فلا أمل بتنظيفها, وها أنا أعيد سخريتكم لكم, ثم ابتعد إلى حيث الأماكن التي لا تتسع ولا تضيق, وحوارات أصحابها أنقى من الصمت, وربما سيعمل فيها حارساَ, فكم من قبر منسٍ يساوي قصراً! واستراحة غيمة هناك تفوق نصف غيوم العالم!
سمير عوض