الوحدة 11-4-2021
انحدرتُ منذ سنواتٍ إلى قعر الأمنيات, وصرتُ أفتّش في ذلك القعر عن بقايا أرمّم بها انكسارات العمر الذي يرفض التوقف.
مازلتُ أوغل في قعر الأمنيات , ولا أجد ابتسامةً تناسب كلمةَ واحدةَ, ولا خطوة لها طريقٌ واضحٌ .
تتناوب الفصول في الذهاب والمجيء إلا فصول حياة البشر, فيأتي كل منها مرة واحدة, فكيف الحال بمن انتهت فصوله ؟
صادفت صديقاً تمزقت بيننا نسائم الزيارات منذ زمن بعيد, وبعد التحية: أحجمت عن طرح أسئلتي حول صحته وصحة أبنائه وأحفاده وأحوالهم , خشية أن تتعكر المقابلة وتنقلب إلى استغابات حزينة, وأنا أعلم أن غبار غربتهم قد غطى كل صلة رحم. لكنه اشعل فيَّ ناراَ من الإحراج, حين طلب مني إقراضه مبلغاً مالياً إلى حين ميسرةٍ .
فرح بالثروة الصغيرة التي منحته إياها, وراح يغرقني بأخبار أبنائه وعلوهم الاجتماعي الذي يحرض الغيم على الهطول, والسلالم على التدفق نحو الصعود. أما حالات بذخهم , فتنافس حسب وصفه زهو (طاووس) اكتملت زينته .
غادرت المقابلة بسعادة لا توصف, ولم أندم على حالة الإفلاس التي تركني بها هذا الصديق. فلولا ذلك المال, لاستيقظت حسرته من غيبوبتها, بل ولا نزلق لساني أيضاً عن أبنائي الذين أعاني من شح اغترابهم في كل شيء , حتى كدت أذوب مع غلاء أدويتي التي أتناولها وقتاً وأصوم عنها أوقاتاً لكنني أردد عبارات الغنى عملاً بقول الشاعر الجاهلي ( عروة بن الورد)
ذريني للغنى أسعى فإني رأيت الناس شرهم الفقير
إذن فأنا مغتبط ومتفائل ولو أنني في قعر الأمنيات , أو….هكذا إذن ؟!
سمير عوض