الوحدة: 2-4-2021
و تمر السنون على عجل حاملة معها سفر الماضي بفرحه و أحزانه، غير عابئة بما تختلج به قلوبنا من أمنيات، و أرواحنا من أحلام.
في زمن تضيق فيه الحياة وجعاً، تتسع فيه الأحلام أملاً. هل ذا الكم الهائل من الأحلام هو رغبة جامحة بالسعادة، أم هروب مستميت من الألم؟
هل نزوع الروح إلى الحلم بغد أجمل هو طموح إنساني طبيعي، أم حاجة حتمية متأتية عن ضيق في الصدور أو مساحات ارتحال الروح؟! ما زالت أرواحنا على قيد الأمنيات يوماً على صدر يوم غير آبهة بما هو حاضر أو آت.
و لكن أين نحن من ساعة الصحو بعد السكر؟ كم هو قاس ذلك الوجع و عميق بعد زوال جرعة التخدير بفعل حقنة من الحلم؟ هي ذي صيرورة الحياة تتجاذبنا بين مد الفرح حيناً و جزر الألم أحايين أخرى، تتقاذفنا خبط عشواء، و نحن مثقلون تحت هول الحزن تارة و تحت وطأة أسئلة وجودية حيرة تارة أخرى.
قالتها ذات آه كوكب الشرق أم كلثوم: قد يكون الغيب حلواً.. إنما الحاضر أحلى. كم جميل هكذا قول أيتها الساحرة طرباً! كم توجعنا الأحلام عندما نصحو منها، فنكتوي بحسرة هنا أو هناك في واقع يضيق بنا على دروب تتعرج بنا إلى غير ما تشتهي أنفسنا من مستقر.
أوليست لجرعة الحلم آثار جانبية سلبية مثل أي عقار طبي تستهلك شيئاً من صحة أرواحنا، تهلكنا على هون يوماً بعد يوم؟ هل أصبح لزاماً عليناً ألا نسرف في الحلم كما السكريات، درءاً للأمراض و اعتلال الجسد؟ نمتثل احتساباً للنشرات الصحية التي تعج بها وسائل الإعلام و التواصل الاجتماعي كل صباح.
هل صحتنا النفسية بحاجة إلى اجتناب الأحلام، أو ربما كان قليل منها يثلج القلب و يفرح الروح؟ ربما كان من الأفضل لنا أن نتقي شر الشرود في عالم الخيالات كلما ضاقت بنا السبل و تقطعت بنا الأسباب. نبحث ههنا أو هناك عن بقايا فرح ضنت به الدنيا علينا.
بقايا فرح تلوكها قلوبنا لتنهض أرواحنا من جديد أملاً. هل كانت مقولة سيدة الغناء العربي هي الأجدى لعافية أرواحنا؟. قد يكون الغيب جميلاً، لكن الحاضر أقل ضرراً و وجعاً بشيء من حبور على الروح، ببعض من القلوب الطافحة حباً، و أرواح تساورنا حناناً نمشي على أرصفة الوجع، نرنم كلمات الأمل دائماً (إنما الحاضر أحلى) لأمل دائماً و أبداً بغد قابل مشرق بالأجمل فرحاً.
نور محمد حاتم