الوحدة : 25-3-2021
(حديقة أنتِ مملكة بلا أسوار, نافرة ورودك والأريج يطوفُ حول البيوت العتيقة, يلتمس دفئاً وينشجُ في الطين زفرات عاشق تعب من الانتظار..) هذا المقطع الجميل اختاره الشاعر زهير حسن ليكون غلاف الصفحة الأخيرة من ديوانه الشعري (قلب مصلوب) الصادر عن دار عروة للطباعة.
يقع الديوان في (122) صفحة من القطع المتوسط، التصميم والإخراج: عروة للطباعة، أما لوحة الغلاف فهي بريشة المؤلف الذي استهل ديوانه بدايةٍ بالإهداء إلى المتعبين في ظلال الوطن العاشقين للأمل, إلى كل قلب ينبض بالحب, إلى أسرته ورفاقه وعبر كلمته الأولى قال: أصرخ من فوق صليبي بالحب القادم كالموسيقا يبرق فوق تقاسيم امرأة, تحيك بقيثارتها قطرات من أحلام صافية, تغمرني بنهر من الألحان.
تناول الشاعر في مجموعته الشعرية (قلب مصلوب) قضاياهم الإنسان حيث عبّر بأسلوبه الشفيف عن مكنونات وأعماق النفس البشرية موضحاً الأحاسيس والمشاعر المتنوعة التي تنتابها من فرحٍ وحزنٍ وحب وغزل ووفاء وإخلاص ويظهر واضحاً مهارة الشاعر في اختيار الألفاظ و المفردات تناسب المواضيع المطروحة من خلال قصائده التي حملت العناوين التالية: دمعتان- قلب ومحطة- دار وذكريات- وطن الصمت- سطور سجينة- صراع مع الرياح – إلى أبي- موت المرايا- رسالة – زنابق الجولان- صرخة كبرياء- بداية – قلب مصلوب- غزل- ثورة تحت الرماد- عرس وانتماء- موسيقا السنديان- لا تغمض عينيك- ألوان –رحلة في قاموس وطن- صهيل المد- ولادة الفجر-لا تقولي وداعاً- سمراء- بردى – صوت الفصول حصار أخوة التراب- كنوز دافئة- من المحيط إلى الخليج- كتاب مفتوح- أول الغيث.
هذا وقد عبّر الشاعر في قصيدة: (زنابق الجولان) عن شموخ الجولان واعتزازه بالزنابق الحمراء التي تزهر في كل مكانٍ وزمان وتتخطى الحدود وتصرخ في وجه الأعداء حيث قال:
دم الجولان يجري
في صدري
وعبيره في السفوح
تدّلى
لكَ يا شموخ دمعتان..
وردة عشق للتراب
وحفنة من بذار
ويكشف الشاعر في قصيدته (من المحيط إلى الخليج) عن المأساة والنكبة التي تعّرض لها الشعب الفلسطيني المهجر قائلاً:
سماء نارٌ وأرض غبار
والهواء موثوق الجناح
وعلى الأرصفة تربّع الحديد
وأكوام من الراحلين
كانت السحابات السود تبحث فوق أسطحة التراب
عن بقايا خلفتها قهقهات الرعب
تغسلها بالمطر الحزين
وفي قصيدة ( إلى أبي) برع الشاعر في وصف شخصية أبيه بأسلوب بديع واصفاً صوت عكازه في الصباح الباكر:
لم أنسَ صوت عكازك
يعزف
قبل طلوع الشمس
على أوتار أبواب الخشب
والمغني قرفاً:” أفيقوا أيها الكسالى”!!
ترفع الشمس بيديك
و الوقت صباح..
ومن قصيدة ( قلب مصلوب) والتي أراد الشاعر أن تحمل المجموعة الشعرية اسمها يكشف الشاعر عن الحزن الذي اعترى قلبه المشبع بالهموم والأحزان:
قلبي الذي لا أملك سواه
ملّ الركوع على الثرى
مدّ شراعه من أضلعي
حمل الهموم وانسحب
يسعى إلى الماء
فوق دجى البحار
يحرق بالليل النهار
قلبي الذي
مدّ الشراع وانسحب
ويمكننا القول إن الشاعر
زهير حسن ومن خلال صفحات ديوانه (قلب مصلوب ) استطاع رصد الهموم الوطنية والانسانية, الذاتية والوجدانية فكانت قصائده الشعرية انعكاساً حقيقياً ورصداً للمواقف الحياتية المختلفة و للعديد من الحالات و القضايا الإنسانية القديمة و الحديثة وذلك بأسلوب مميز وشيق عكس مدى جهد الشاعر في نظم قصائده من جهة الألفاظ والمفردات والأفكار لتلائم كل الأجيال في كل الأزمان.
ندى كمال سلوم