إليك.. إلى قارئ آخر

الوحدة 19-3-2021

كنت سأكتب لك عن الحب… عن وعد أبيض يشبه تساقط الثلج في ليلة عيد الميلاد..

عن سماء من قصب السكر.. وحقول من زهرة عباد الشمس، وفصول لا تعرف الخيبة حتى وإن تعرت أشجارها حزناً!

كنت سأكتب عني وعنك… عن ملامحنا العتيقة، وأسماكنا الملونة..

لكن هناك من أفسد تلك القصص الجميلة.. هناك من تسلل إلى مملكة الورق، وسرق من الحروف حنينها ومن القوافي وفاءها وأضرم النيران في حشائش القلب ومضى!

كنت سأكتب لك عن بيت جدتي المصنوع من طين وحب.. عن طعم الكستناء بين يديها وشاي الزوفا البرية، ورائحة رغيف التنور في صباحات الدفء..

كنت سأكتب عن مدرستي الابتدائية وغرفة صف صغيرة كانت تتسع لعالم من الحب رغم ضيق مساحتها..

كنت أود أن أخبرك أن أرصفة مدينتي أصبحت غريبة بعض الشيء.. ولم تعد تقرأ الشعر على مسامع المارة كما كانت تفعل في السابق.. حتى أنها لم تعد تستحم بالمطر والضوء كعادتها…

فقدنا شيئاً من بريقنا… وكأننا انطفأنا كذلك الشهاب البهي الذي تساقط من سماء الحلم رغماً عنه حين أدركه التعب!

فقدنا أشياء عزيزة، ووجوهاً أثيرة، لكننا لم نفقد رغبتنا في أن نتبادل الأسماء مع الأشجار والزهر والمدى…

لم نفقد تلك الرغبة الدفينة في أن ندس زهرة غاردينيا خلسة في فناجين قهوتنا الصباحية… لم نفقد إنسانيتنا، وشغفنا الجميل وفرحتنا العفوية في ملاحقة فراشة مشاغبة..

كنت سأكتب لك أن حبر القلب لا يجف ولا يفسد، حتى وإن تغيرت ملامح الورق

وأن للحكاية بقية…

منى كامل الأطرش

تصفح المزيد..
آخر الأخبار