الوحدة 16-3-2021
يجلس الناس الباحثون عن الشمس والهواء والمتعة وتغيير الجو على شرفات منازلهم ذات الإطلالات، لكن من لا يملك هذه الشرفات أو الذي يبحث عن رياضة المشي والتمتّع بمناظر خلابة سيذهب حتماً إلى الحديقة العامة أو الحدائق المجاورة لسكنه في المدينة هرباً من الملل وطلباً للراحة من عبء الكتل الإسمنتية الصمّاء التي تبث الطاقات السلبية في عموم الأنفس والأمكنة. يلفت النظر، دون أدنى شك، والحديث هنا عن حديقة مدينة طرطوس المركزية “حديقة الباسل” مقدار الخضرة والنضارة والنظافة. مجموعة عوامل تساهم في رونق المكان وخلوّه من القاذورات والأوساخ، لعلّ أهمّها على الإطلاق وجود عامل ينظّف بقايا الناس من علب وأكياس فارغة ملقاة هنا وهناك منذ الصباح الباكر، ويفرغ السلال المعدنية الموزّعة في كل الأنحاء في عربات أنيقة مطليّة بالأزرق تبرّعت بها منظمة الهلال والصليب الأحمر وال UNDP إضافة لتبرعها بأعمدة إنارة الطاقة الضوئية، ولها كلّ الشكر، ومواطن يلتزم بقواعد وقوانين ارتياد هكذا أماكن، حيث يلقي قمامته في السلال المخصصة لها، إضافة لطفل يرمي أكياس البطاطا وقشور الحلويات وبقايا الورق في أماكنها، وهذا ينبع من تربيته المنزلية والمدرسية ليصبح سلوكاً حضارياً هو جزء لا يتجزأ من شخصيته، وهو سيكون بانياً للمستقبل. ولا ننس عناصر أخرى لاتقل أهمّية، عامل يقلّم الأشجار وآخر يجز الأعشاب وغيره ينظّف الممرات من أوراق الأشجار وأعقاب السجائر الكثيرة بآلة تنفخ الهواء بقوة. علينا جميعاً أن نحافظ على نظافة المكان وأن نلتزم بقواعد التعامل الحضاري مع كلّ مكوّنات الحديقة من مروج ومقاعد وأعمدة إنارة وألعاب الأطفال، فلا يصحّ أن يجلس الشبّان والفتيان والفتيات في أرجوحة هي لولد صغير فيكون التخريب هو النتيجة. أملنا أن تلقى كلّ حديقة في المدينة نفس الرعاية والاهتمام الذي تلقاه حديقة “الباسل” وألا نسمح للإسمنت أن يقضم من حدائقنا .فالأماكن التي تصلح للإسمنت الصامت كثيرة، لندع هذه الحدائق فتفرح بها الأشجار والأزهار والعصافير المغرّدة والأطفال الفرحين والمسنّين..
أحمد كريم منصور