الوحدة 11-3-2021
دمجتْ قضايا الحرب الإنسانية مع الإعلام الطبي، آمنت ْبمقولة أستاذتها الطبيبة التي التقتها: (الجرّاح الناجح يجب أن يمتلك عيني صقر وقلب أسد ويدي امرأة، أنتن تمتلكن واحدة من الآن بقيت اثنتان).. هي الدكتورة الشابة مايا معلا والتي روتْ القصص السريرية الطبية التي تراها في المستشفيات بطريقة أدبية..
– مايا معلا في سطور؟
ولدت في محافظة طرطوس، درست الابتدائية في مدرسة المتنبّي والإعداديّة في مدرسة الشّهيد إيّاد عطيّة، وخلال تلك الفترة انتسبت لاتّحاد شبيبة الثّورة وشاركت في مسابقة التّمكين للغة العربية التي كانت تُجرى للصّفين السّابع والعاشر وحصلت على مركز أوّل على مستوى محافظة طرطوس، ثمّ شاركت في المسابقة القطرية للأدباء الشباب وحصلت على مركز ثالث على مستوى سورية، وأكملت تعليمي الثّانوي في التّجمّع الثانوي الغربيّ بطرطوس، وفي الصّف العاشر عدت وشاركت في المسابقة الوطنية لتمكين للغة العربيّة للصف العاشر وحصلت على مركز أوّل على مستوى محافظة طرطوس أيضاً، شاركت في العديد من الأمسيات الأدبية والفنية التي أقامتها رابطة المدينة الأولى وكانت تلك المحطات بداية انطلاقي تعلّمت فيها الثّقة بالنّفس وإثبات الذّات، حصلت على شهادة الثّانويّة العامّة للفرع العلمي في العام ٢٠١٧ بمعدّل أهّلني للدّخول في السّنة التّحضيريّة للكليّات الطبيّة فانتقلت إلى جامعة تشرين، ثمّ حصلت على معدّل أهّلني لإكمال دراستي في الطّب البشري حُلم طفولتي، وكان سبب اختياري وحبّي له هو معاناة أخي ووفاته لاحقاً بسرطان ابيضاض الدّم اللمفاوي الحادّ.
– نلتِ شهادة تقدير من سماعة حكيم نظراً لمساهماتك في إنجاز المبادرات ماذا عنها؟
في السنة الثانية انضمَمت لفريق سمّاعة حكيم الإعلامية، وهو فريق معني بالأمور التثقيفية والإعلامية الطبية، وإلى جانب ما شاركت فيه من منشورات طبية، كان هناك بعض المشاركات الفريدة، فقد تشرّفت بلقاء الدّكتور جمال البكريّ والدّكتور بسّام مزريب أسطورتي حصار سجن حلب المركزي، وكتبت عن مستشفى الكندي الجامعي، ربما لا تعرفون أنّه كان رابع أكبر مركز لعلاج السّرطان في الشّرق الأوسط قبل أن يُنهب ويدمّر بالكامل وتُرتكب فيه المجازر، كما بحثت عن أطباء سورية في الخارج، ونلت شرف الحديث مع الدكتور عفيف عفيف والكتابة عنه وهو عرّاب جراحة الأعصاب في فرنسا، أستاذي وقدوتي إنسانيّاً وعلميّاً وقد تواصلنا منذ فترة وقدمت له حالة مميزة قد نتحدث عنها كحدث فريد في طب الأعصاب في القادمات من الأيام، كما أحببت أن أنقل تجربة أطبائنا الشباب، فالتقيت بجرّاحة القلب الدّكتورة لبنى بكر وهي أول أنثى نالت منصب رئيس الدراسات العليا في جراحة القلب في دمشق، ومن القلّة اللواتي يَخترن هذا النّوع من الجراحات الصّعبة ويتفوقن فيه، وأذكر مقولتها للطبيبات (الجرّاح الناجح يجب أن يمتلك عيني صقر وقلب أسد ويدي امرأة، أنتن تمتلكن واحدة من الآن بقيت اثنتان).
– لفت نظري ما تكتبينه من وجدانيات في مواضيع شتى بعضها مستوحى من دراستك للطب للبشري وأخرى وجدانية أدبية بحتة ماذا عن ثقافتك الشاملة؟
كانت فكرة دمج قضايا الحرب الإنسانية مع الإعلام الطبي تحديداً أي بما يتماشى مع موضوع وسياسة الفريق بسبب متابعتي الدقيقة لكل الوقائع التي مرّت بها بلدنا الحبيبة، وأذكر أن الفترة التي امتدّت بين العامين ٢٠١٢-٢٠١٤ كانت الأصعب، تتالت فيها أحداث حصار مطار منّغ العسكري، ثمّ حصار مستشفى الكندي الجامعي، وحصار سجن حلب المركزي، وحصار مستشفى جسر الشغور الوطني وغيرها من المآسي الإنسانية، وقد حُفرت تلك الفترة في قلبي وذاكرتي وأثرت فيَّ حتّى كأنّي عشتها لحظة بلحظة، فقد كنت أتواصل مع النّاجين من الحصار، أكتب قصصهم وأستمع إليها بشغف، حتّى بعد سنوات التقيت ببعضهم صدفة في المشافي العسكريّة أثناء زيارتي لأحد الجرحى، وكنت أشعر بأنهم إخوتي وأنّي عشت معهم آلامهم وآلام عائلاتهم، فكبرت الحرب في قلبي كقضية إنسانية، وهذا ما بدأ يتجلى في كتاباتي، أعدت قراءة كتب التاريخ وكتب الوطنية والثقافة ولكن هذه المرة قرأتها بقلبي لا بِعيني، طالعت كتب الحرب في الأدب الروسي لأصل لفكرة جوهرية هي أن المأساة الإنسانية في كل حرب هي ذاتها مهما اختلفت الأعراق والأديان والتاريخ والجغرافيا، شغفني أن أقرأ عن أيقونة الثورة الكوبية وهو القائد جيفارا وقد كان طبيباً أيضاً، كما كنت خلال سنوات دراستي أقرأ في تاريخ الأدب العربي، باختصار كان الشغف كافياً لحصد كل تلك المعارف خلال فترة وجيزة، فأنا إذا أحببت الشيء تابعته بإخلاص، وأضيف أنّه إلى جانب اهتماماتي الأدبية والعلمية أنني متابعة منذ طفولتي لكرة القدم وأحفظ تاريخ الأندية والمنتخبات، أشجّع بايرن ميونيخ وحبّي له جعلني أدرس اللغة الألمانية منذ أن كنت في الصّف السّابع، الرّفاق الذين يقرؤون سيضحكون فقد كنت أعلمهم بعض الكلمات ولتسهل علينا كنا نطلق على بعضنا الألقاب باللغة الألمانية.
– هل سنرى قريباً كتاباً مطبوعاً باسمك؟
قرأت يوماً لقاءً صحفياً للكاتب الإنكليزي غابريل غارسيا ماركيز وقد قال فيه: لو كان بإمكاني إسداء نصيحة لكاتب شاب فسأقول له أن يكتب عن شيء حدث له فعلاً، فاستخدمت برنامج الوورد وحاسوبي المحمول في محاولة كتابة أول كتاب قدمت فيه نوعاً من الأدب العاطفي وقد استغرقت كتابته عامين، عرضته على أساتذتي في كليّة الطب، وحصدت بسببه محبّة كبيرة، أذكر منهم الدكتورة صفاء دلّا التي ردّت عليه بنبرة صوت محفورة في أعماق قلبي كانت تكرر (أنتِ رائعة مايا، أنتِ نجمة مايا) أمّا الآن وبعد واحد وعشرين عاماً من عمري، فقد قرّرت أنّه عندما سأقوم بطباعة عمل أدبي سأختار أن يكون أدباً يحمل قضيّة حقيقيّة، أدباً يهمّني فيه أن يقرأ النّاس محتوى رسالته، وليس اسمي على الغلاف، وهذا حلم يراودني سأعطيه حقّه في وقته المناسب.
– شاركت بزاوية في مجلة شبابيك في عددها الاول ،هل سنرى اسمك قريباً يتلألأ في جرائد ومجلات أخرى؟
مشاركتي في مجلّة شبابيك هي بداية أعنونها بمحبّة النّاس لنصوص مايا، كنت قبلاً أمتنع عن المشاركة كون كتاباتي خواطر شخصية ونوعاً من التدوين اليومي والمذكّرات وأن اختيار نص سيُنشر هو مسؤولية تحتاج لانتقاء دقيق، ولكنّي فوجئت بأن هذا البوح العفوي يصل قلوب القارئين وأن نصوصي البسيطة تنال استحسان عدد كبير، وأذكر منذ عام تقريباً كنت قد كتبت نصّاً عن والدتي، كتبته بدموعي وكان وقوده العاطفة ولا شيء إلا العاطفة الصادقة، لأُفاجَئ برسالة من الأستاذ مضر إبراهيم وهو معاون وزير الإعلام سابقاً ومدير قناة الإخبارية السورية حالياً، وبدون معرفة سابقة يقوم بنشر هذا النّص على حسابه الشّخصي، عندها شعرت بامتنان كبير له ترافق بإحساس بالمسؤولية فبدأت أهتم بإخراج النّص أكثر لقد شجعتني محبّة النّاس وجعلتني أكتب بمسؤولية أكبر.
كلمة أخيرة:
لكلّ شخص قدّم لي كلمة طيبة أو آمن بي وذكرني بموقف بسيط أقول له أنّني ممتنّة وأن محبّة النّاس هي كنزي الحقيقي وفي الختام أودّ أن أشكركِ على هذا الحوار، وأتمنى في القادمات من الأيّام أن نقدّم الأفضل كجيل شاب لهذا الوطن الجريح فهو أمانة في أعناقنا.
نور محمد حاتم