المضحك المبكي في كل أيامنا..

الوحدة 11-3-2021

حين تضع وديعة في المصرف العقاري تفرح، أولاً أنك استطعت أن تجمع مبلغاً من المال للبداية.. هو إنجاز..

بداية حلم سيتحقق، شراء بيت بالتقسيط, وما ستدفعه شهرياً هو ما تدفعه اليوم كأجر لبيت تسكنه، أجر شهري خارج حدود المنطق, وبعيداً عن أي منطق وقانون, ومساءلة، حيث يقرر صاحب المسكن الأجر, ويقبل المضطر مرغماً لا بطلاً..

لكن حين تكتشف أن أسعار البيوت تحلق عالياً, ودون رقيب أو حسيب أيضاً, وأن شروط القرض العقاري لا تناسب إلا أصحاب الأموال, والتجار فقط, وأنك عاجز عن تحقيق حلم خرافي، فإنك ستلعن الفقر حتى أربعين جد فقط ..

المضحك أنك حين تضع وديعة – واليوم يمكنك أخذ هذه الحسنة دون وديعة– يضاف للمبلغ المركون لدى المصرف طابع للشهداء  بخمس وعشرين ليرة فقط !

لكن حين تحوَل ما أودعته لديهم بعد انتهاء الحلم إلى حسابك الجاري في نفس المكان, فإنك ستدفع 800 ليرة أجرة نقل الوديعة من هنا إلى هنا..

 ليست الحكاية ليرات.. هي مفارقات تدعو للعجب العجاب!

المضحك أيضاً، أنك تترك لدى المصرف مليون ليرة سورية لمدة عام (مثلاً) ولا تأخذ عليها ليرة سورية واحدة كفائدة.. بل تدفع!

المضحك المبكي، في المصرف العقاري أنك تضيع في زحمة الأسئلة, والتساؤلات بين الموظفين الذين تحسبهم جاهلين, وهم مشغولون عنك, وبين المراجعين.. وكل يبحث عن جواب، مع كل رشفة قهوة من فنجان ساخن يرشفه الموظف بنهم!

الكل مشغول، لكن المهم أن تدخل, وعلى وجهك الكمامة، وأن تخرج بعد جهد غاضباً أم راضياً.. لا يهم..

ما المهم..  أن تعرف أنك تعيش, وتأكل, وتسكن بالدولار المغضوب عليه علناً, الساري بقبعة إخفاء في كيس المحارم, وفي قهوتك, وظرف الشاي, وخضارك النابتة في حقول قريتك، لكنك تدفع ثمنها بما يتناسب وسعر الدولار.

المبكي، أن كلمة دولار محظورة, وممنوعة لكنها تجري في كل الأوردة, إذ فجأة ترتفع الأسعار, وتتجه أصابع الاتهام إلى الدولار (حسب التجار) ولعبة السوق…

في سنوات ما قبل الحرب، كنا نفتح حساباً في مصارفنا بالدولار، ونتداوله علناً ولا نكون مجرمين..

اليوم، ولإنقاذ الليرة السورية صار الدولار محرماً, والتعامل به جريمة لا تغتفر.. لكنه يمر, يتسلل, يتبختر عبر ليرتنا السورية المسكينة.

وحتى فترة قريبة, وقبل الكورونا كان معظم أصحاب البيوت البلاستيكية يبيعون إنتاجهم السنوي والفصلي الزراعي لتجار لبنان، ويقبضون بالدولار.

اليوم.. ماذا يفعلون؟

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار