الوحدة : 10-3-2021
منتجات جمعية سوق الضيعة تنشر خيراتها في حديقة السلطان على الكورنيش البحري، ففي تلك الحديقة ينتشر عبق خيرات القرى البعيدة التي تعيش على مبدأ الحياة التي عاشها الآباء وأجدادهم القدامى، ومن خلال استطلاع سريع على تلك السوق أوضح أحد أصحاب تلك البسطات أن هذا السوق تأسس سنة ٢٠٠٦ نحاول من خلاله إحياء تراث الآباء والأجداد والعودة إلى منتجات الطبيعة الخالية من السماد وتلوث الآلات، مثل الحلويات بدون سكر والفطائر وخبز القمح وخبز الشعير والشوفان وأنواع الحبوب والمكسرات، أما المنتج الحيواني فيتم تأمينه حسب الطلب مثل البيض والسوركة بأنواعها واللبنة والأجبان والزبدة.
مشاركة أخرى أكّدت أنها من مؤسسي السوق وضعت صناعاتها ضمن منتجات المرأة الريفية ومختصّة بالأعشاب ومشتقاتها من زيوت وعطور وكريمات جلدية ومقطرات وبعض المواد الغذائية والحبوب المدقوقة بالجرن الحجري والزعتر والسماق والبطم وتين الهبّول والفلافل ودبس الفليفلة والبندورة وخلّ التفاح، امرأة ريفية أخرى أكدت أن قريتها بعيدة جداً عن المدينة وعملها محصور بالمواد التي تنتجها أرضها حيث تقوم بتحويلها إلى مُنتج غذائي أصلي سواء عن طريق تعليبه أو وضعه تحت أشعة الشمس حيث تعرض منتجات غذائية مثل الشوندر المتبل بالثوم والحامض والطحينة والعدس المطحون مع البرغل حيث يسمى المجدرة المشفاية، كما تقوم بصناعة الفلافل المشوية البعيدة عن القلي وخطورته على الصحة، كذلك كبة اللحمة النباتية بدقيق القمح الكامل والفطائر والزيتون والزعتر وفطائر السلق والسبانخ والزعتر بالإضافة إلى المقرمشات من بسكويت بالتمر وبالفستق والكعك المالح والكعك بالزعتر، كما تقوم بصناعة كيك البرتقال وبالتمر بدون سكر وبعض المكابيس الأخرى.
وهناك العديد من الصناعات المحلية تنافس بقوة موطنها الأصلي كصناعة صابون الغار الذي يُعد من أجود الأنواع المنافس للصابون الحلبي وكذلك الزعتر البلدي المنافس للزعتر الحلبي، كما يضم السّوق بعض المنتجات والحِرف اليدوية ذات نكهة فنية راقية سواء بالنقش على الحجارة أو الحفر على الخشب، حيث أوضح أصحاب هذه الصناعات أن الزبون أو المواطن يطلب منتجهم بالتحديد لأنه على ثقة بما يتم عرضه في سوق معروفة لا يمكن التلاعب بمواصفاته حتى تبقى سمعتهم ضمن إطار المنتج المحلي الناجح.

جمعية سوق الضيعة هي بادرة مجتمعية محدودة لكنها بدأت تطوّر نفسها من خلال سرعة انتشار اسمها، حيث كانت آخر مبادرة لتلك الجمعية من خلال المشاركة بالحملات التطوعية ومشاركة بعض أعضاء هذه الجمعية بحملة تشجير في جبال بيت زريقة – قسطل معاف، حيث وقع على مسمعي من القائمين على تلك الحملة أن جمعية سوق الضيعة هم الأكثر تفاعلاً مع المشاركات الجماعية والحملات التطوعية وهم سبّاقون بالتواجد في جميع الأسواق والفعّاليات الشعبية بكل أشكالها، فتم توجيه الشكر لهم لتواجدهم المستمر وعملهم الدؤوب القيّم..
لما لا يكون هناك جمعيات وتجمّعات على هذا النحو من النجاح والعمل الجماعي، كذلك قيام وإنشاء أسواق تضم تلك المصنوعات والمقتنيات التي تلبّي رغبة الكثيرين ممن يرغبون بتناول وشراء منتج القرى البعيدة غير المعرّضة لسموم وأدخنة المدينة وطاقاتها السلبية التي تثقل كاهل الأصحاء قبل المرضى، وهناك مساحات كثيرة يمكن الاعتماد عليها بموافقة أصحاب الشأن الذين لا يتوانوا عن المساعدة والتنسيق لتنظيم أسواق ومعارض على الأرصفة وفي الحدائق وكذلك الساحات العامة، فهذه المشاريع الصغيرة تقوم بتشغيل أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل، كما أنها هواية شخصية بعيدة عن الفشل، وريعها أو ثمنها قد يسدّ رمق عائلة متعدّدة الأفراد، وهذه الأعمال أو الهوايات التي تختصّ بصناعة المأكولات والتفنن بها يمكن تطويرها وزيادة حجمها وبالتالي تشغيل أعداد إضافية ، أما من جهة الدولة فيمكنها تعميم هذه التجارب والقيام بتوسيعها لأبعد الحدود، فقد تلقى إقبالاً ورغبة كبيرة بمناطق أو محافظات أخرى بناها التحتية أو مواردها متوفرة بشكل أكبر وأوسع كريف دمشق الواسع المعطاء وخاصة من ناحية الفاكهة المتعدّدة وذات القيمة الكبيرة مثل القيام بتعليب تين قطنا مثلاً أو الاستعمالات المتعدّدة لتفاح الزبداني وخيرات وادي بردى المعطاء، كما أن أغلب مناطق جبل الشيخ والغوطة تشتهر بتعدّد فاكهتها من عنب وتين وتفاح بأنواعه والكرز ذي الجودة العالية والدراق وغيره، بالإضافة للشهرة الكبيرة بزراعة اليانسون وحبة البركة، وهذه الأصناف يمكن الاعتماد عليها من خلال التعليب والتشميس وانتظار مواسم تلي مواسم الفاكهة لأن تلك المناطق تنتج أجود أنواع الخضراوات الحقلية طوال العام ومنها البندورة التي تُستعمل بعدة طرق بالإضافة إلى أنواع غذائية أخرى تخلُق فرص عمل إضافية تجعل هذه المنشأة بحركة دائمة وبأعداد كبيرة بعد أن تجذب تلك المعامل أهالي وسكان القرى المحيطة ومنتجاتهم لتصبح خلية عمل متواصلة في جميع الأوقات، وهذه الحالة يمكن تطبيقها في مناطق أخرى كسهل الغاب وسهول درعا المعطاء وسلاله الغذائية المتنوّعة، علماً أن أهالي السويداء وعموم جبل العرب كانوا سباقين بتلك الصناعات وخاصة تعليب الفاكهة وصناعة المشروبات المتعدّدة والشهرة العظيمة من خلال تحويل العنب إلى ذبيب بأفخر أنواعه حيث خرج من النطاق المحلي وأصبح ذي شهرة عربية وعالمية يضاهي أي منتج عالمي معروف.
سليمان حسين