المقومات الفنية للقصة القصيرة

 الوحدة : 4-3-2021

 

أقامت مديرية الثقافة في اللاذقية ملتقى القصة القصيرة الأول وقد حملت الجلسة الثانية منه عنوان: المقومات الفنية للقصة القصيرة شارك فيها كوكبة من النقاد والأدباء والكتّاب والمثقفين الكبار وهم: د. مالك صقور – د. رفيق سليطين – د. عاطف البطرس – أدار الجلسة د. محمد إسماعيل بصل وذلك في قصر الثقافة قاعة النشاطات بمقر المديرية..

(الوحدة) حضرت هذا الملتقى الذي كان فعالاً ومثمراً بكل تفاصيله ومراحله من جهة المناقشات والقراءات النقدية التي قدمها الأدباء المشاركون والمداخلات الفنية مع الحضور. الأمر الذي يؤدي لرفع سوية الحركة الثقافية ورفد الجو الثقافي والمعرفي في المحافظة ومن أجواء هذه الفعالية التقينا د. محمد إسماعيل بصل مدير الجلسة الثانية الذي أكد على دور الترجمة في نقل هذا الجنس الأدبي (القصة القصيرة) الذي لم يعرفه العرب بشكله الراهن إلا في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وبالتالي كان للترجمة دور أساسي في التعريف بهذا الجنس الأدبي الوافد على الرغم من أن التراث العربي ذاخر بمقومات القاص إلا أن هذه المقومات ذهبت باتجاهات مختلفة قد تكون بعيدة عن بنية القصة القصيرة المعروفة وتعرض الباحثون إلى دور الرواد الأوائل في التصدي لكتابة هذا الجنس الأدبي ولعل زكريا تامر واحد من أهم هؤلاء الرواد الذين كرّسوا حياتهم الأدبية لكتابة القصة القصيرة.

وأضاف أيضاً: هناك أبحاث قرأت بعض القصص القصيرة قراءة تأويلية ولاقت هذه الأبحاث صدى طيباً لدى الحضور وكان هناك إضافات مهمة من خلال المداخلات التي تمت والحوار المطروح مما خلق جواً ثقافياً، كم نحن بحاجة إليه اليوم في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة العربية إذ إن الثقافة هي حاجة ملحة في حياة المجتمعات لتحصين ذواتها من هذا الغزو الثقافي والعلمي الذي تتعرض له المنطقة برمتها.

استهل الجلسة الناقد الكبير والأستاذ الجامعي د. رفيق سليطين الذي اختار أن يوجه النظر في مشاركته إلى قاص له أسلوب مميز في كتابته القصصية وهو عاطف صقر الذي فاز بجائزة الشارقة للإبداع الأدبي ولديه ثلاث مجموعات قصصية هي: الترقية – الحاجز الأخير – مسلوس باشا، وقدم د. سليطين قراءة لواحدة من قصص الكاتب عاطف صقر وهي الواق واق وعنوان هذه القراءة (الوقواقية الصمت والكلام) ومما قاله في هذه القراءة النقدية ما يلي: من الآليات التي يعتمدها السرد في القصة المذكورة آلية تبعيد المكان وسحب الموضوع من الذات إلى الآخر لإنتاج لحظة الانفصال الضرورية عنه التي تمكن من رؤيته ورصده ويتساوق مع آلية التفعيل اقتراح فكرة السفر وسيلة للكشف والمراوغة وهنا يأتي دور اللغة فيستثمر القاص المحاكاة الصوتية من حيث هي أيقونة تتحقق بخصائص مرجعية في إشارة إلى أن أهالي بلاد الواق الواق لا يتكلمون على الحقيقة إنهم يوقوقون فقط وهنا يتجلى الخوف من الكلام والاتجاه باللغة نحو الداخل المعتم و النزول بها إلى مستوى أصناف انفعالية لا تؤسس لشيء من التواصل وعلى خط الرجعة يدور الحديث بين الوقواقية وشرحها وبين هذين تكمن مسافة التوسط التي ينشط فيها الخيال اللغوي لتسريب طاقات التهكم وشحن الموقف بمتقابلات بلاغة السخرية… والقصة تقوم بمجملها على تدعيم موضوعها تنظر الذات إلى ذاتها في مرآة غيرها ولكنها في القصد ترد أثرها المغاير على ذاتها فتزداد الصورة جلاءً في هذه المرآة التي تفعل موضوع التهكم والتي تبدو فيها الذات منقسمة على نفسها وهو ما يجعلها تضحك من صورتها المرتسمة في هذه المباشرة ضحكاً تحتشد فيه طوابع السخرية.

تبع ذلك مشاركة الأديب والباحث الدكتور مالك صقور الذي أبدى لنا رأيه بمثل هذه الملتقيات قائلاً: على الرغم من كل ما جرى في سورية من نهب وتدمير وقتل وفوق ذلك كله الحصار الاقتصادي ما زالت سورية بخير ما دامت الثقافة حاضرة والمراكز الثقافية مفتوحة والجمهور حاضراً إذاً سورية بخير شعباً وجيشاً وقائداً.

من قصص د. صقور: (درّة)، (حبة شجاعة)، (السماء ليست عالية)، (الجقل)، (السهم والصدى) ومن دراساته: الأبعاد الثقافية للحرب على سورية – سلطان الكلمة – لماذا الفن وترجماته: الممارسة النقدية – عذاب الروح إضافة إلى خمسة وعشرين مؤلفاً مطبوعين من قصة وبحث و نقد.. قدّم في هذه الجلسة قصة عنوانها: أين الله تدور في فكرتها الأساسية حول بداية الحرب الكونية على سورية، أما المشاركة الأخيرة فكانت للدكتور عاطف بطرس الذي قدم قراءة نقدية لقصة الأديب صقور من وجهة نظر نقدية وفق أصول ومقومات القصة القصيرة هذا الفن الذي يبدو للكثيرين أنه سهل الانقياد ولكنه في حقيقة الأمر فن عصي في الممارسة لأنه يحتاج إلى موهبة تقوم على التكثيف والإيجاز والدلالة.. والكلام هنا للدكتور عاطف بطرس وهو عضو اتحاد الكتاب العرب جمعية النقد الأدبي له مساهمات في لجان تحكيم تابعة لوزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب، عضو مجلس إدارة الهيئة العامة السورية للكتاب، وهو ناقد أدبي وباحث ومفكر عضو تحرير مجلة الموقف الأدبي لمدة ست سنوات متتالية ومن القراءة النقدية التي قدمت أن القصة (أين الله) للدكتور مالك صقور هي من القصص التي لا تقدم نفسها من النظرة الأولى وإنما تحتاج إلى أكثر من قراءة وضمن هذا السياق قال د. البطرس: بينت القصة على ما يمكن أن نطلق عليه المشهدية الحوارية… بدأت القصة يوم جمعة ثم حوار بين الأب وبين نفسه وانتقل الحوار بين الأب والابن فهذه الحوارية هي حوارية مشهدية يمكن أن تكون مقطعاً من قصة لوحدها ثم الحوار بين الابن وحارس المزرعة والمشهدية الرابعة بين الابن والشاب الوسيم ومن معه… وما يميز هذه القصة حقيقة هو التكثيف والاقتصار والاقتصاد وفي اللغة، جمل موزونة فيها حكاية وحدث وقد أخذت هذه القصة طابعها وشعريتها من بساطة عرضها وسلاسة مفرداتها التي قد لا تكون متطابقة مع عمق دلالتها ومرجعيتها المستهدفة ولم يلجأ د. صقور إلى المتعاليات اللفظية التي تحرك العواطف والمشاعر والأحاسيس وإنما وازى أو ساوى بين واقعية اللغة البسيطة العادية و قد وفق باختياره لعدة أسباب أولها أنه اختار قصة متماسكة ومبنية بناءً قويماً فلا يوجد ثغرات أو تراخي وإنما هناك تصعيد من حوار الأب بينه وبين نفسه إلى المشاهد الحوارية الأخرى والسبب الثاني استخدامه اللغة البسيطة من حيث المساحة على السواد و البياض أما السبب الأخير فهو اختياره لموضوع دقيق خاصة في مجتمعاتنا…. وهذه القصة تمت بشكل أو بآخر إلى الوثائقية بمعنى أنه يمكن نقتطعها لتعبر عن مرحلة واضحة المعالم ومحددة.

ندى كمال سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار