الوحدة : 2-3-2021
الزهراء علي ثابت القصير، شابّة مغتربة تعيش في بريطانيا منذ نعومة أظفارها، ابنة طبيب أستاذ جامعي وطبيبة استاذة جامعية يعملان في بريطانيا.
زارت مؤخراً سورية، بلدها الحبيب برفقة والدها، صوّرت كلّ شيء، لاحظتُ تركيزها على علم الوطن، وتغنّت بكلّ شيء في وطنها وعبّرت بالكلمة الجزلة والصّورة الاحترافية الجميلة عن مشاعر وعواطف تزخر بالمحبة والوطنية والغيرية، هي طالبة جامعية وواعية لكل كلمة قالتها، كتبت ما يلي:
ظننت أنني أعرف جمالها ومجدها، ظننت أنني أعرف قوتها وتاريخها، ولكن كلما رأيت وعرفت أكثر، شعرت بالذهول والصمت والفخر.
سماؤها صافية وشمسها جميلة وغيومها الملونة ترسم الظلال على أرضنا الفسيحة، ينضم إلينا القمر في المساء حاملاً معه سلام الليل، النجوم تغمز بهدوء وترقص في الظلام. سماء ملبدة بغيوم رمادية من حين لآخر تبشر بمطر منتظر بفارغ الصبر ونعمة مقدرة للحقول الواسعة.
في المساء تستقبلنا الجبال الأرجوانية عند دخولنا دمشق وتلك الأشجار المائلة على جانبي الطريق تشهد على قسوة الريح، جبالها المغطاة بخضرة تكاد تمتزج بزرقة بحرها الجميل، أمواج بحرها المتلاطمة تصرخ بجرأة متذمرة في بعض الأحيان، وتهدأ تارة لتخلق أجمل صورة لانعكاس حضور الشمس في الماء.
أرض أجدادنا، الأرض التي أحبوها وسقوها بدمائهم، شكراً لهم، إنهم يقفون بفخر يراقبون أطفالهم يلعبون ويكبرون بأمان وسلام تحت ظلال علم بلدهم الملون الجميل.
المباني القديمة مبعثرة بين المباني الجديدة وبعضها تعب ويحتاج إلى أيدٍ لطيفة ومحبة ليتعافوا ويقفوا شامخين أقوياء، ربما يديك أنت.
إنها تنتظر عودتك إلى حضنها الدافئ بقلب منفطر متشوق لك، إنها تنتظر عودتك إلى دارك الآن أو لاحقًا، انها ستفهم سبب استغراقك بعض الوقت لتجد طريقك إليها، لكن لا تنتظر طويلاً لأنها باقية صامدة وأنت تتقدم في العمر.
لم أستطع أن أستوعب أن التلال المنحدرة، السحب المرسومة، والأمواج المتلاطمة واللطيفة كلها لي، لم أستطع أن أستوعب أن أجدادي أحبوا الوادي والجبل والبحر بنفس الطريقة التي أحبها الآن، لم أستطع أن أستوعب أنني دخلت مرحلة الشباب دون أن أعيش طفولتي في سوريا، وأنني قد أعيش عقدًا آخر بدون الاستمتاع بجلالتها، لا أريد أن أكبر أكثر وأنا بعيدة عنك يا حبيبتي.
رسالة حب إلى وطني الأم الى أرض أجدادي.
أحمد كريم منصور