عودة صور وذاكرة.. رائحة وألق مهرجان المحبة بدأت تنتشر في مساحات المدينة الرياضية ومنشآتها

الوحدة : 23-2-2021

 

بدأت منشآت المدينة الرياضية وتفاصيلها الجذّابة تكتسي ألوان وحلي مهرجان (المحبة والسلام) الذي أقيم عام ١٩٨٨، الصفحة البيضاء القابعة في جماجمنا منذ عهود كانت طيّاتها مليئة بالازدهار والتطور والنمو على جميع المستويات، هي البوابة العالمية والجوهرة الفريدة على بحرنا الأبيض التي ضمّت يوماً من الأيام نخبة من كبار رياضيي حوض ذلك البحر، وللأسف..  أشجار وحدائق تلك المدينة العملاقة تحدثنا عن سنين طويلة ذهبت مستسلمة لواقعٍ مرير تناوب على أوصال هذه المنشآت بشكلٍ أو بآخر، بالإضافة إلى خشونة شبكة معقّدة من الطرقات الرئيسية والفرعية التي تؤدي إلى المنشآت والحدائق، حيث لم يتبدّل قميصها الزفتي منذ ذلك القرن، فعّاليات مهرجان المحبة بدأت تضمحل سنة بعد أخرى، حتى اقتصرت على بعض النشاطات المحلية، والأكثر إيلاماً لذلك الواقع يتلخّص بالعشر سنين الأخيرة.

 

ذكريات لا تُنسى وأمجاد خالدة

مهرجان المحبة كوّن ذكريات من الصعب إزاحتها من الذاكرة، أيامه وتفاصيله ساكنة في مخيلات جميع السوريين وأهل اللاذقية بشكل خاص، مكتسية لون الفرح لعشرين يوماً صيفياً يمضي بسرعة الظّل، يكتنز فعّاليات وبرامج رياضية متنوعة كالسباحة الطويلة والقصيرة، والقفز المظلي وسباقات الخيول، وملاعب صغيرة وكبيرة متعدّدة تشهد نزالات بدنية متنوعة، وصالات مغلقة تحتوي ألعاباً مختلفة، ذات حلبات وكرات بأنواعها وأحجامها، والأكثر أهمية تصفيات كرة القدم على ملاعب عشبية طبيعية، نهائياتها اختصرت نجاح وعبق المهرجان عندما انتزع أبطالنا النصر من قلوب الفرنسيين وزيّنت صدورهم ميدالية ذهبية هي الأغلى لتاريخنا هذا..

 ليلاً ..  كان بحر تلك المدينة مزيّن بألوان وأضواء القناديل المسائية من خلال سفنٍ كبيرةٍ تسكن عرض البحر، وعلى أرصفة هذه الأيقونة تحلو أوقات السهر حيث يتجمهر الزوار في كل ساحة، الليل يشبه النهار، وهج وأضواء ذلك المكان يشبه شروق الشمس، حيث تشتعل المدينة الرياضية بأنوارٍ وألوانٍ قزحية متنوعة، صالاتها المتعدّدة ومسارحها المكشوفة تضمّ ألمع المطربين والفنانين المحليين والعرب المشهورين، معارض فنية متنوعة، ومنتدياتٍ ومراكز يتناوب على منابرها كبار المدعوين من الأدباء والمفكّرين وأصحاب الأيادي البيضاء بتلوين وتنوير أفكار تلك الجماهير الزاحفة، هكذا هي الذكرى التي تنفع، أطفال تلك الّلوحات التي قدّمت افتتاح المهرجان في الاستاد الرئيسي أصبحوا رجالاً وأجداداً، واليوم بدأنا نتلمّس عودة تلك البهجة الضائعة من خلال أيادٍ بيضاء تعرف وتقدّر قيمة ذلك المكان ابتداءً من الهرم الرياضي إلى الإدارة الجديدة لتلك المدينة آخذة بترميم ووضع لمسات عمرانية متطورة على مُجمل المساحات من أبنية وشوارع ومعالم وحدائق تآكلت مفاصلها بفعل الإهمال وقلّة الاستعمال، تُعيد لتلك الآثار الناصعة رونقها وألقها، تبشّر الزائر والمتفرّج بعودة الروح والحياة إلى مفاصل تلك المدينة الواسعة المتنفّس الطبيعي الأوحد والقريب لسكان مدينة اللاذقية.

 

 

ورشات العمل في كل مكان

وخير من يحدثنا عن واقع ما يجري داخل تلك الأسوار هو المهندس أيهم كحيلة مدير المدينة الرياضية، حيث أوضح أن هناك توجيه من القيادة الرياضية بإعادة هيكلة تلك المدينة بكامل منشآتها وخاصة الرياضية، وإبراز شعار النورس الخاص بمهرجان المحبة الناجح (لعل الذكرى تنفع)، والعمل على تحديث وصيانة الحدائق النوعية جانب متحف الباسل والنصب التذكاري للقائد الخالد، وأضاف السيد كحيلة أن مؤسسة الإسكان العسكرية تقوم بعدة مشاريع صيانة عامة تشمل بنى تحتية وعزل أسقف وصيانة الصالات الخمس، كما تشمل الخطة صيانة المسابح وملحقاتها وتزيين الممرات الداخلية، ومضمار الفروسية الرئيسي ومدرّجاته، كذلك ملاعب كرة القدم العشبية الخاصة بالتدريب، علماً أنه قد تم الانتهاء من صيانة الاستاد الرئيسي بكل ملحقاته.

تجهيز مساحة كبيرة مخدّمة لاستقبال الزوّار

وأوضح مدير المدينة أنه يتم الآن تجهيز متنزّه خاص بالعموم مجهّز بكل وسائل الراحة للمواطن القادم للاستجمام ابتداءً من المياه والمقاعد والحمّامات وأماكن خاصة بالطهي والشواء، وهذا المتنزّه كفيل بممارسة جميع الرياضات والهوايات وخاصة قيادة الدراجات وإشباع فضول الأطفال بإبعادهم عن المنشآت الرياضية والتجهيزات الكهربائية المكْلفة جداً، وقد بدأت ملامح تلك الأعمال بالظهور ابتداءّ من الشوارع والأرصفة وتقليم وتفريغ الأشجار التي تعيق المنظر العام والقيام بتأهيل الحدائق الجانبية الكبيرة والصغيرة، كما بدأ عمّال وورشات المدينة بصيانة الأرضيات والأرصفة ووضع لمسة حديثة على جوانب الطرقات بمواد وأساليب تحمل لمسة متطورة، وتحديث الفوهات المطرية ومسارب المياه بأساليب تقنية، والعمل على إعادة الروح إلى المنتديات والكافتريات الموزعة في أرجاء المدينة والقيام بترحيل جميع المخلفات والنفايات.

إدارة المدينة تراقب عن كثب جميع الأعمال

بالنهاية وبما أن المدينة الرياضية الآن تشبه خلية النحل ورشاتها موزّعة بكل مكان بالإضافة إلى آليات كبيرة وصغيرة في عمل دؤوب، إدارتها مواظبة على مدار الساعة، لذلك فنحن مقبلون على صيف غير عادي، صيف سيكون بدايةً لمرحلةٍ جديدةٍ تشبه النصر العسكري، يُظهر للعالم أجمع على عودة الروح ونبض الحياة الطبيعية، صيف يعيد الأمل لكامل مساحات الوطن، يبعد شبح الهجرة القسرية بسبب شذاذ الموت ومصّاصي الدماء، يُنسي الكثيرين مشقة الغربة والحرمان من خلال البحث عن مواضع شعبية للاستجمام وخاصة أن الوضع المعيشي داهم الجميع ومنهم أصحاب الدخل المحدود بسبب عقوبات وحصار اقتصادي جائر، فتلك المدينة الراقية هي الملجأ الوحيد والمستقر الأوحد للكثيرين من أهالي اللاذقية والمحافظات الأخرى، فقد آن لهم أن تعود أحلامهم حقيقة، يتنفسوا هواء بلدهم الذي ينسيهم حزن ومرارة فقدان أحبة وأقارب كثيرين، قيادة البلد الحكيمة رغم الضغوط العالمية، تقدّر عالياً ما قدّم هذا الشعب بكل أطيافه، تقدّم التعويضات عن الخسائر، تقوم بتوظيف المسرحين من خدمة الوطن، تطلق خدماتها في جميع مناحي الحياة ومن بينها الرياضية، حيث بدأت بصمات القائمين على هذا المنحى تظهر للعلن وفي أغلب المفاصل، بالإضافة إلى عملها المتواصل لفك الحظر عن الملاعب، ونحن بانتظار حفلات افتتاح متعدّدة لعدة مفاصل وإنجازات تعيدنا إلى ذلك الزمن الوردي بكل روائحه وبهجته.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار