قراءة في مجموعة شعرية (أهازيج البقاء)

الوحدة 18-2-2021

 

 

الشعر عطر الروح فينا ينمّ ويشي عمّا تبقّى فينا من إنسانية.. إنه ابتهالات الجراح، إنه رفيف الفرح إنه استغاثة للبقاء حينما الأمل يقرر الرحيل.. إنه بوح اليمام وشدو البلابل التي تسكننا ما حيينا فهلمّوا بنا نتعمد بماء الروح المقدسة كي نتنقى من كل ما يشوبنا، هلمّوا نتوحد في لغة الشعر ولهيب نار الإحساس كي نرمم ما تبقى فينا من إنسانية، كي نصون ما تبقى فينا من عطر الله.. بهذا التعريف الرائع للشعر استهلت الشاعرة عبير عبد اللطيف حبيب مجموعتها الشعرية (أهازيج البقاء) التي تقع في 125 صفحة ونفذت في مطابع الإدارة السياسية ويعود ريعها لجرحى الجيش العربي السوري والقوات المسلحة.. ضمنت الشاعرة مجموعتها بداية إهداء إلى كل الشهداء الأبرار و الأبطال المرابطين على حدود الوطن قالت فيها: في عيد الحب القريب زينت شعري الأسود بوردة حمراء من شقائق النعمان.. فالعشق للشهداء وحبيبي كل شهيد وكل بطل… أيها البطل المرابط على أجفان الليل كي تحرس حدود الوطن لو تعلم السماء التي تظللنا كم أنت عظيم معطاء، لسجدت أمام عطائك… يا من تبحر في دمي كشراع في محيط، كبدر في سماء، أفديك أفديك… ليتني معك أقدم لك الماء والحنان وأحمل معك بندقية، أعلمك يا بطلي بأني أشتاقك جداً، وأحبك جداً وأحترمك جداً وأنت فخاري وعزتي وأحلى ما في حياتي وإليك أهدي كل أحاسيسي وكل أحرفي….

توزعت قراءتنا في رحاب هذه المجموعة الشعرية التي تضمنت قصائد متنوعة منها: (أمطرينا يا دماء الشهداء) وقد نشرت هذه القصيدة في مجلتي (الأسبوع الأدبي) لاتحاد الكتاب العربي و (جيش الشعب) مجلة الجيش العربي السوري ومنها الأبيات التالية التي وضعتها الشاعرة على صفحة الغلاف الأخير للمجموعة:

يا شهيداً ذاب في الخلد المصفى

                                      كضياءٍ في صلاة الأنبياء

يا شهيداً عاش فينا كالأماني

                             يا شهيداً هلّ يماً بالعطاء

كم زرعت الفجر ورداً يا أخاه

                             فتوشى من أزاهير السّناء

ورششت البدر نوراً يا أخاه

                             فتباهى في تلاوين الرداءِ

نجمة الأوطان تبنى يا بلادي

                             من شهيق الروح، من عطر الدماء

نحن قوم لم نزل نهوى المنايا

                             في ثرانا، في أهازيج الضياء

كم نرجي عند آلام الثكالى

                             كم نرجي عند أعتاب الرجاء!!

وعلى أعتاب من راحوا وفدّوا

                             كم نصلي عند أعتاب الفداء!!

أبحرنا في رحاب قصيدة أخرى حملت عنوان: (

سأرتدي الخاكي وزياً عسكرياً) وهي مهداة إلى أبطال الجيش العربي السوري البواسل وبثت في برنامج حماة الديار الفضائية السورية والإذاعة، تحمل هذه القصيدة كل المحبة والفخر بالأبطال المدافعين عن عزة الوطن فالجندي كالطبيب المتيقظ دوماً طول الوقت يفدي بلده بروحه ودمه وقالت في ذلك:

وهو المداوي في لهيب الوقت جرحاً

                                      وهو المداوي في جنون الساح غيّا

متيقظاً أبداً على طول الليالي

                                      ولدوحنا لما يزل علماً أبيّاً

وفي المجموعة قصائد أخرى حملت العناوين الآتية: يا أطياف اللون الواحد، شمس العروبة يا مشتل الغيمات، أصواتكم وهنا بقية.

هذا وقد كتبت الشاعرة أيضاً ضمن مجموعتها نفحات عطر نثرية ففي النفحة الأولى أشارت إلى قول نزار: (ما أروع أن يسحقنا حب كبير) وعلقت على ذلك بالقول: وأنا أضيف: ما أروع أن تتقاذفنا عواصفه حيث تشاء كأوراق الشجر.. لاغية كل الاعتبارات… حارقة كل الحدود… حتى ننسى من نحن!! ما أروع أن يسحقنا حتى نصوغ عطراً، كأي زهورٍ تسحق!! فلماذا… لما تخشى الحب الكبير وهو أمامك يقرع روحك وجسدك ويكتب قصائده في داخلك حيث يشاء.. أتبعت ذلك بمجموعة قصائد حملت عنوان: (قوارير) ومن قارورة (3)

قارورة عشق أبذرها

                   بيباب الأرض العطشانة

كي تسقي الأرض ومن فيها

                             بشعوري تصبح ريانة

كي تنبت في الدنيا قمحاً

                             وتروي النفس الحيرانة

وفي المجموعة أيضاً نفحة عطر نثرية أخرى مفعمة بالمحبة والإحساس تقول فيها: أذكرك فيغرق عمري بالرحيق، طيفك يداوي جراحي، أريد أن أصحو على إشعاع وجهك كل يوم، أن تغمرني أشعتك الدافئة فتبعث في روحي وجسدي الحياة… أحتاج وجودك في حياتي، أتبعتها بمحطات خمس حملت العناوين التالية: (قلوع – انعطاف – توغل – ذكريات – هجوع) وفي نهاية المطاف ختمت مجموعتها بقصائد هي على التوالي: (رحماك – غروب – إحساس – سنهجركم – لهفة – خيوط الروح)ومن الأخيرة الآتي:

غزلت الشعر من فرح الأقاحي

                             ومن مرح على ثغر الصباح

ومن لهو تناثر عن غناءٍ

                             ومن مرح علا رقص السماح

وأوجاع تهادت في فناء

                             ومن نوح تمازج بالصداح     

 ندى كمال سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار