الوحدة 14-2-2021
قدم الأستاذ محمد إبراهيم محاضرة بعنوان (جلسة مع بخلاء الجاحظ) بالمركز الثقافي بجبلة، وحول المحاضرة قال إبراهيم:
تتضمن التعريف بالجاحظ، نسبه، وحياته، ومؤلفاته، أما محور المحاضرة فهو شخصيات الجاحظ في مؤلفه (البخلاء) وكيف انتقى الشخصيات من كل المشارب والمستويات الاجتماعية في ذلك العصر، حيث جعل بخلاءه محامين بارعين يدافعون عن صحة آرائهم بالبخل وفلاسفة جهابذة في تبرير أفعالهم ومراوغين وحكماء يحسنون إعطاء المواعظ التي تفند ذم التبذير مهما كان قليلاً وعلماء اقتصاد من الدرجة الرفيعة فتجدهم يحرصون حرصاً شديداً على عدم صرف درهم واحد بمكانه أو غير مكانه، يعرفون كيف يبررون شحّهم من الناحية الدينية وأحكام الشريعة وهم كذلك بارعون في علم الجدال والمحاورة والدفاع عن منطقهم فحمد البخل ومدح فوائده وحسب رأيهم، وهم عند الجاحظ أصحاب روح خفيفة ونكتة ظريفة، وقد أثبت الجاحظ في هذا الكتاب قدرته على التحليل النفسي العميق وبدقة متناهية في التصوير والإخراج وعلى براعته في وصف البخلاء، كما استطاع تفسير ظاهرة البخل تفسيراً عجيباً ونظر إليها من كل جوانبها وكل وجه من وجوهها فقد قال في مقدمة كتابه: وذكرت ملح الحزامي واحتجاج الكندي ورسالة سهل بن هارون وكلام ابن غزوان وخطبة الحارثي وكل ما حضرني من أعاجيبهم وأعاجيب غيرهم ولمَ سموا البخل إصلاحاً والشح اقتصاداً ولمَ حاموا على المنع ونسبوه إلى الحزم ولمَ جعلوا الجود سَرَفاً والأثْرة جهلاً ولمَ زهدوا في الحمد وقلّ احتفالهم بالذم.
لذلك نجد تبرير الجاحظ لكل بخيل لبخله بطريقة أدبية فنية لبقة حتى ليبدو البخيل عنده ذكياً لمّاحاً، وعندما اقتبس الكاتب موليير مسرحيته البخيل عن بخلاء الجاحظ لم يوفق بل كان بخيل موليير غبياً وليس كبخيل الجاحظ الذكي الفيلسوف والفقيه والمحلل الاقتصادي، فبخيل موليير عندما فقد أمواله فقد عقله وصار الخادم لديه موضع شك وأراد أن يفتشه طالباً منه مدّ يديه وعندما لم يجد شيئاً فيهما قال له: افتح يديك الأخريين!
وأشار المحاضر إلى ملاحظة مهمة وهي أن الجاحظ لم يقل الشعر مطلقاً رغم استخدامه لمئات بل وربما آلاف أبيات الشواهد الشعرية في مؤلفاته رغم غزارة فكره وذكائه سعة اطلاعه وإبداعه وقد طوع كل ذلك في الكتابة والتأليف، وربما لديه من التأليف والإبداع ما يفوق الشعر كقيمة أدبية عالية.
وأضاف المحاضر في كتاب البخلاء للجاحظ عشرات القصص عن البخلاء ومالم أذكره بالمحاضرة ربما أجمل بكثير مما ذكرته، لكن الوقت والمحاضرة يتحكمان بنا.
آمنة يوسف