الفنان وسيم الرفاعي: الأغنية التراثية أمانة في أعناقنا

الوحدة: 2-2-2021

 

 

 

يمتلك حنجرة شجية، وصوتاً جميلاً قوياً يمكّنه من أداء الطرب الأصيل، وقد لاقت أعماله سواء في الغناء أو التلحين أو نظم الأغاني صدى طيباً بين الآخرين.

 هو حريص على شفافية الكلمة واللحن، وتقديم كل ما هو جميل، إضافة إلى أغاني التراث والفلكلور، شارك في مهرجانات عدة، صديقه الحميم (العود) الذي يرافقه أحياناً في الغناء، له صوت وأداء لافت، إنه الفنان وسيم الرفاعي.. (الوحدة) التقته، ومعه كان الحوار الآتي…

 – لديك أغان خاصة بك، وبعضها يبث عبر محطات فضائية، فما المعايير التي تعتمدها في أغانيك؟

أنا حريص على انتقاء الكلمة المميزة، والتي ترتبط بجذور الأجداد والأصالة والأرض مثل أغنية السنديانة، واعتمدت أيضاً على سلاسة الأغنية ووضوحها وهناك الأغاني المعطرة بالحس الوجداني التي يطغى عليها اللون الدافئ إن جاز التعبير والذي يحكي قصة دراما واقعية.

 – كيف تتعامل مع آلة العود؟ وماذا أضافت لك في الغناء؟

عندما أعزف على آلة العود أتذكر العلاقة العاطفية الجيّاشة ما بين الطفل الرضيع الوحيد مع الأم الحنونة، فهناك حالة توأمية نادرة بيني وبين هذه الآلة الشرقية التي تشبه بنظري شمس بلادي، وقد أضافت هذه الآلة لصوتي ولإحساسي الكثير من التجانس مع روح النغم والمقامات الموسيقية، لدرجة أنها صقلت صوتي وخامتي في بوتقة الروحانية لنتحد معاً في عوالم أسرة رائعة.

 – ماذا عن نظم الأغاني والتلحين؟ ومع من تعاملت فنياً؟

  في البدء كانت كلمة كما جاء في الكتاب المقدس، فالكلمة هي أساس المعاني وغايتها وهي التي تخلق اللحن الذي يتلوها، وهو وزنها الشعري الغنائي، فإذا أطاع اللحن الكلمة ولدت أيقونة من السحر الجمالي والغنائي تدخل القلوب من دون استئذان وتكون غذاء الأرواح، ولذلك الفنان الحقيقي هو الذي يحمل على مساحات صوته معاني الكلام ونغمات الألحان الجميلة إلى مسامع البشر الذواقين، لذا أنا أبحث جيداً عن كتّاب الكلمة والملحنين لكي أقدم رسالة فنية تليق بمقام المستمعين الذواقين، على الرغم من قيامي بتلحين بعض الأغاني فقد تعاملت مع عدة شعراء وملحنين أبرزهم مع صانع اللون الشعبي في سورية قريبي وصديقي الفنان أحمد شحادة صاحب الأغاني الشهيرة: عذاب الهوى، الحاصودي، خمس صبايا، دي نامي، وكان حصادي مع هذا الفنان القدير وافراً منها السنديانة، يا دلات الهيل، ليش الغيرة، أيضاً تعاملت مع الأستاذ محمد تقلا مثل أغنية: يا حبيبة، توأم روحي وهما من ألحان الموسيقي محمد آغا، وحالياً هناك عمل جديد من الشاعر أحمد شحادة بعنوان: دخل عيونك.

– ما خصوصية الأغنية الساحلية؟

تنبع خصوصية الأغنية الساحلية من خصوصية طبيعة الساحل السوري بتنوع تضاريسه من بحر وجبل وهضاب ووديان متعرجة للوحة سحرية تدل على قدم أصالة إنسان هذه البلاد، فتجدين موال العتابا شامخاً كشموخ السنديان، واللحن الساحلي هادراً كهدير البحر، ومعاني الكلمات فصولاً كاملة ودائمة من سحر الخالق الأبدي تتوجها حروف(أوغاريت) مدينة المدن بأنها أهدت للبشرية الأبجدية الأولى في العالم.

 – من المعروف أن بيت العتابا يؤلف وحدة كاملة، ويحمل ثروة لفظية لاعتماده على فن الجناس، ما أهمية ذلك في رواجه؟

قال كثير من النقاد والشعراء آراء في العتابا ويحضرني قول الشاعر أحمد شحادة في هذا الموضوع: فن العتابا من أصعب أنواع الشعر العربي وله بحر موزون وبيت العتابا هو ملخص للنثر، فما يريد المرء قوله في عدة صفحات من النثر يغنيه عنه موال عتابا واحد، والعكس صحيح وهناك بعض أبيات العتابا تحتاج إلى نصف كتاب من النثر لتعبر عنه، وللعتابا أنواع وقصص وحكايات وذكريات منذ زمن بعيد في تاريخ العرب.

 وأتساءل هنا: لماذا ظلمت توأمة العتابا: (الميجانا)؟ وهي الأصعب حبكة والأقوى معنى وبيت العتابا لا يروج بل هو الذي يروج الأفكار ويصنع النجوم فكم من بيت عتابا صفّه شاعر، فصنع هو بدوره شاعر.

– بماذا ترفد الثقافة الفنان؟

للموهبة دور أساسي في مسألة نجاح الفنان، ولكن الموهبة يجب أن تصقل وتعيش وسط ظروف تتناسب معها، وأهم ما يضفي على الموهبة الكمال والجمال هي الثقافة بشكل عام، فهي دعامة الفنان وركيزته.

– كيف أرخت الكورونا بظلالها على الفنان؟

الكورونا قطّعت الأوصال الاجتماعية، وكان لها الأثر الكبير على نشاط الفنانين في العالم أجمع، وليس فقط في سورية مما أدى إلى تراجع الإنتاج الفني والمادي على الفنانين سواء من كتّاب الأغاني والملحنين والموزعين والموسيقيين وطبعاً الفنانين.

 – ماذا في جعبتك من أعمال فنية؟

أنا في صدد إنتاج بعض الأغاني الخاصة التي تتطرق إليها عدة مواضيع اجتماعية نعيشها الآن ولا تخلو من مواضيع الحب والغزل والأمل، كما أن هناك أغاني لجيشنا العظيم وللوطن الحبيب وقائده الحكيم، وبإذن الله رايات النصر مرفوعة دائماً فوق ذرى جبالنا وقلاعنا وثرانا.

– كلمة أخيرة للفنان وسيم الرفاعي

أتمنى دعم اللون الشعبي السوري الذي تخطّى حدود سورية إلى الدول العربية والأجنبية ودخل القلوب بدون استئذان كما فعلت الدراما السورية التي نعتز بها جميعاً، فهذه أغانينا وألحان وجدان فلاحنا وميراث آبائنا، فلنتعاون معاً على ديمومته، أيضاً الأغنية التراثية رسالة تركها لنا أجدادنا أمانة في أعناقنا ومن يمتلك موهبة الغناء عليه إيصالها للناس.

 أخيراً: أتوجه بالشكر الصادق والعميق لصحيفة الساحل العريقة وللقائمين عليها لأنها أثبتت أنها منبر حرّ وجريء ومتنفس لكل شيء جميل.

 رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار