الوحدة 27-1-2021
مخزون ذاكرتنا عامر بأيام عز وفرح وأمان، تفتقدهم ذاكرة أبنائنا اليوم، بعد أن ضاعت منهم أحلامهم واندثرت أمانيهم، تحت رماد أيام تلطخت بقبح البشر وغدر الزمن.
ذاكرة جيلنا ومن سبقنا تعبق بعبير الحب وشذا الوئام، بين الأهل والأصحاب والخلان والجيران.. تقاسمنا وإياهم خبزنا المالح وكعكنا الحلو وزيتوننا المر، لم يعكر صفوها إلا بعض قليل من تفاصيل محنة أو مرض هنا، أو أزمة مالية، أو فتنة وقلة هناك، تجاوزناها بكل قوة وعزيمة، لنخرج أكثر صبراً وإصراراً على تلقي مزيد من المفاجآت والصدمات، سواء مسرات أو أتراح.
حنين دافئ يشدنا إلى تلك الذكريات، ونحن نتلوها على مسامع أبنائنا، ينصتون لبوحنا ويتساءلون عن أسرارنا، ويكفكفون دمعة سالت هنا شوقاً إلى منازل برحناها، وكانت يوماً ملاذنا الآمن، ودمعة أخرى لحقتها لمن جاورنا في ذاك المنزل.. لأصدقاء أبعدتهم الأيام وفرقت بيننا المسافات.. أنذرف تلك العبرات حزناً عليها أم على أنفسنا؟ ربما على الاثنين معاً! نستذكر لحظات السعادة وكأنها كنز غال لن يعود، ونتحسر على ماض نقف على أطلاله ونتمنى أن يعود، ونقول لأنفسنا ليت الزمان توقف حينها، وبقيت الفصول كما ولدتها الطبيعة أول مرة دون تزييف أو رتوش.. ترى ماذا نزرع في ذاكرة أبنائنا؟ وأي ماض سيتوقون إليه يوما ما وهم لا تتعدى جل أمنياتهم رحلة قصيرة يقصدون فيها مكانا ينتمون إليه وإلى رموزه وأصحابه، أو لمة صدق عفوية مع من يحبون، أو شراء جديد يسعد قلوبهم وأرواحهم التواقة إلى الفرح كل لحظة، بعد أن سلبتهم مرارة الأيام حلاوة طفولتهم وشقاوتها.. سنحاول أن ننتزع من ذاكرتهم أشواك البؤس والحزن والشقاء، لنغرس شتول الأمل والأحلام بغد آت دون محال، عله يبصر النور ويشق عباب الأيام دون آلام وأحزان وأتراح.
ريم جبيلي