يصنع الحياة من الصخر.. النحات حسن عزيز محمد العاشق لفنه

الوحدة: 25- 1- 2021

 

يجعل الفنان حسن عزيز محمد من بيته, ومشغله الفني صالة عرض, وملتقى لمحبي الفن، النحت تحديداً، فبابه المفتوح , وابتسامته تدفع المحبين والمهتمين للدخول.

إذا مررت ببيته.. تدخل كأنك تزور متحفاً, وأول ما يلفت انتباهك تلك الحديقة البسيطة الغنية باللوحات, والمنحوتات التي تزين الجدران المتآكلة..

من الخارج، وعلى جدار البيت نحت الفنان سفينة فينيقية، تحسبها هاربة من البحر المجاور، تلتصق بالبيت القديم الذي ينتظر كغيره من البيوت هناك إعادة الاحياء كسكان الحي كلهم، سكان الجهة الشرقية من الكورنيش البحري.

يقول الفنان حسن: لو يتسع الجدار لصنعت العديد من هذه التحف، زينت بها قلبي أولاً, وقلوب من يمرون, ويتفرجون.

ويؤكد الفنان إعجاب المارة على رصيف المكان, ودخول العديد من الغرباء (الذين لا يعرفهم) يريدون الفرجة على أعماله الفنية من نحت, ورسم وقد ملأت جدران الغرف بطريقة مميزة, بسيطة, متواضعة, تجعلك تسافر خارج الزمن.

انطباع الزائر غالباً أن الفنان لا يعيش في زمنه، هو العاشق للفن, المسافر عبر الأزمان بيديه, وبقلبه حيث يصنع مجداً.

 

يقول, وخلال حديث مقتضب أنه يصنع الحياة من الصخر، ويذكر مشاركاته العديدة في المعارض, التي تقام في محافظة طرطوس, والملتقيات ومنها ملتقى النقيب السنوي, والعمل الذي أنجزه في الحاطرية، القدموس حيث بقي هناك أكثر من شهر لينتج ثلاثة أعمال نحتية لآيات قرآنية بجانب مقام الشيخ محمود القصير, ولا ينسى أهم مشاركاته بالعمل الإبداعي المميز الذي يزين برمانة المشايخ, حيث صنع ثمانية نحاتين( حسن أحدهم) لوحات خالدة من الجرف الصخري بمسافة ثلاثين متراً, وبارتفاع ستة أمتار، عملت المجموعة لمدة ستة أشهر هناك, وكانت النتيجة إبداعاً زين المكان وخلد الفنانين.

الفنان حسن محمد, وأنت تشاهده وهو يعمل، تراه يستحضر بأنامله, وبفكره كل ما لدينا في الحياة من جمال, وأصالة, ويخرج الحضارة الفينيقية عبر منحوتاته الصلبة التي تجدها لينة, وتكاد تنطق.

ودون أن يقول، ترى أن الفنان يعشق المكان الذي يعيش فيه, إذ يهتم بكل التفاصيل, وبمحبة يمسك أدواته, ويعمل لتخرج من بين أصابعه الصخرة, وهي تنطق.

يتعامل الفنان، كما قال، مع الحجر الرملي, والرخام, والبازلت, وخشب الزنزرخت, والكينا, والتوت, ومع الحديد.

في وسط الحديقة الصغيرة تجد عملاً شامخاً هو أسد أبيض منحوت بعزيمة, ولين معاً..

أسأله : لماذا يتلون الصخر الأبيض في بعض نقاطه؟

يجيب: هنا يندمج الصخر الرخام بالتراب فيتحول إلى اللون الأخضر, وهنا حيث اللون الأحمر الغرانيت الممزوج الذي لن يتغير لونه على مدى السنوات.

حين تتحدث إلى الفنان حسن تجد لديه زحمة في الأفكار, والأحلام, والمشاريع قيد التنفيذ..

يقول: تخيلوا لو أن لكل واجهة بيت منحوتة!

يرسم بنظراته ما يأمل, وما يحب, وينفذ بجهد واضح ما يقدر عليه..

لن أنسى مشاركته في ملتقى النحت في النقيب حيث كان يزرع الفرح, وهو ينحت الصخر ليخرج, وزملائه بنتاج لا يقدر بثمن..

زحمة في الأحلام عند الفنان.. يتمنى أن تتحقق, وكيف لا, وهو يحفر الصخر ليصنع الحياة!

عن أعماله يقول: حطمت الرياح لوحة أحبها، وكان يعلقها على جدار الحديقة المفتوحة على الريح, والمطر, والبحر،  ويضيف: لا ضير .. سأصنع أجمل منها..

ويمسك أدوات عمله بمحبة, وينسى نفسه وسط غبار أبيض كثيف يملأ المكان ويغطيه, ولا يتوقف, لتخرج من بين أصابعه الصخرة, وقد تحولت إلى الحياة, وقد تنطق حين ترنو إليها كمشاهد محب.

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار