بعد الترويج وتأهيل المنشآت.. السياحة الشتوية مؤهلة لاقتناص سيّاح الصيف

الوحدة 19-1-2021

 

هناك ظروف وأحوال ومعوقات متعدّدة تتحكّم بتصرفات الإنسان وبالتالي تثنيه عن القيام بمشاريع ومخطّطات كان ينوي القيام بها سواء كانت مشاريع فردية أم جماعية، حيث يتم العمل على تأجيلها والتريث بتنفيذها إلى حين زوال العائق أو السبب.

 صيفاً، أغلب العائلات الميسورة التي تمارس أعمالاً شاقة في معظم أيامها، تتلمّس اقتناص فرصة الاصطياف، أو أنها محكومة بانتظار أحد أفرادها المسافرين حيث تنوي لمّ الشمل والاستجمام والاستراحة بمنطقة جبلية أو بحرية أو الحالتين معاً، وأغلب هذه المعالم متجاورة وموجودة في قاموسنا وخارطتنا السياحية، حيث لا يبعد الجبل عن البحر أكثر من ٤٠ كم، ويمكن للسائح أن يزور أغلب القُبل السياحية في الساحل وجباله بيوم أو يومين خاصة وأن النهار في الصيف يُعد طويلاً، أما وإن حدث طارئ أو سبب جوهري أجهض تلك الرحلة وبالتالي تأجيلها إلى حينٍ آخر قد يتم التنفيذ شتاءً فتلك المكونات والأدوات السياحية المنوي زيارتها هي لا زالت مكانها وفي فصل الشتاء قد تزداد جمالاً وألقاً، مثلاً صيف وشتاء مناطق صلنفة أو كسب أو الدريكيش وجرودها وينابيعها هي أحد المقاصد المنوي زيارتها والتمتع بمسحة ولمسة الخالق على تفاصيل مناطقها، فرونقها وجماليتها يكمن بجمال طبيعتها وهوائها العليل وينابيعها الرقراقة المتسلّلة إلى الوديان بهدوء، وفي الشتاء تتزين تلك الطبيعة وجبالها بمئات الأنواع من الزهور والمروج، بالإضافة إلى تساقط دُرر السماء بثلوج الخير، حيث تكتسي قِمم تلك الجبال بالبياض معانقة للغيوم المتسارعة، كما تتحوّل جداول المياه والينابيع الهادئة إلى شلّالات دافئة تقفز وتتدفق بين الحقول بعد ذوبان الثلوج، أصوات خرير المياه بين الصخور والحجارة تتلاشى إلى أن تتهادى في مسطّح صافٍ أو سدّة مائية مشكّلة بحيرة تكتنز تلك الخيرات إلى أوقات متأخرة من الصيف، وهذه هي السياحة الشتوية البريّة التي نمتلك، حيث يجب العمل على تفعيلها من قبل المهتمين وصنّاع السياحة المحلية، فإن السياحة الشتوية لا تقل أهمية عن السياحة الصيفية، والمكونات السياحية الأوروبية ذائعة الصيت لا تقل شأناً عن الموجودة في بلادنا باستثناء توزّع الفنادق وسهولة الوصول إلى الجبال بفعل الطرقات خارقة الجودة وكذلك التفنّن بتسويق المنتج السياحي عبر جميع الأقمار الصناعية والتلفزة العالمية والقيام بتصنيع أفلام تشبه الخيال العلمي حيث التلاعب بمشاعر المشاهد من خلال التركيز على ما تعشق العين والروح عبر التصوير الفضائي بجميع أبعاده، أمّا أمكنتهم المروّج لها فتم تزيينها بالتلفريك والمناطيد وتلوين ساحات التزلّج وإقامة الفنادق بالقرب من البحيرات وعلى سفوح الجبال وإنشاء الأسواق التجارية والمطاعم بأنواعها وبالتالي يكتمل المشهد السياحي وهو المفقود بين مكوناتنا الطبيعية ذات الصناعة الربانية، حيث تُركت آثار بلادنا على وضعها كما تركها كنعانيي وفينيقيي الساحل والرومان في صافيتا والكثير من مناطق الدريكيش وبانياس وجبلة، باستثناء ما نهب وخرّب الاحتلال العثماني منها، وبكاميرا واحدة أو اثنتين أضاءت على جزء صغير من طبيعتنا عندما تم تصوير مسلسل ضيعة ضايعة بمنطقة كسب ذات الطبيعة الجبلية الخلّابة الهاربة من الخيال، ومن خلال لقطات درامية عفوية لمخرج ليس هوليودياً أوضح للعالم أجمع وللعربي خصوصاً أننا نمتلك من الجمال جوهره ومن الهواء النقي عليله ولم نتفنّن بصناعة الكذب لسحب السائح وإرغامه على وضع ماله للتمتع بمشاهد تنكرية، هناك في منتجعاتهم وشواطئهم كل خطوة لها ثمنها وضمن القوانين المحلية، بينما نحن وعلى جوانب طرقات جبالنا أُناس طيبون بنظراتهم وملقاهم يحبون الضيف ويتعاملون معه بطيبة وأخلاق، يقدّمون له ما لذّ وطاب من خيرات ترابنا ونفَس أصالتنا من تنور صنعته وطيّنته أكفهم، والأمثلة حاضرة عن عرب خليجيين في الزمن الماضي خانتهم متانة سيارتهم على أحد الطرقات الجبلية في إحدى القرى وكيف تم التعامل معهم على أنهم ضيوف إلى حين تأمين سفرهم، وفي العام التالي قاموا نفسهم بزيارة تلك القرية الوادعة مرة أخرى وبعدد أكبر، ليتكوّن لدى الطرفين صبغة إنسانية ذات أبعاد وأهداف نبيلة تلاشت بينهم المصلحة المادية، وهنا قمة الترويج السياحي المزيّن بالأخلاق والقيم الأصيلة سواء كانت سياحة صيفية أم شتوية.

أما أدوات السياحة الشتوية الأخرى فهي متعدّدة نذكر منها نصب الخيام في الثلوج وجوانب البحيرات، وكذلك ركوب الأمواج، وتسلّق المرتفعات، ودخول المتاحف والقلاع الأثرية وغيرها..

وخير من يضعنا بصورة الوضع السياحي خارج السياحة الصيفية هم العالمون بهذا القطاع في مديرية سياحة اللاذقية مؤكدين جهوزية جميع المنشآت السياحية لاستقبال الزوار والوافدين من فنادق ومطاعم وكذلك الطرقات المؤدية إلى تلك المواضع،  حيث كان إجماع تام من قبلهم على أن السياحة الشتوية تتعرض لعدة عوائق خلال هذا الموسم تتلخّص بوجود أعداد لابأس بها من الفئات العمرية في المدارس والجامعات، بالإضافة إلى التقيّد بالتعليمات الوزارية الخاصة بالوباء العالمي (كورونا) وضرورة التباعد وحصر أماكن التجمعات وهي من صلب القطاع السياحي كالمطاعم وغيرها وهذا من جانب السياحة الداخلية، كما أوضحوا أن بلادنا كانت محجاً للزوار في الصيف والشتاء لكن الحرب الإرهابية التي فُرصت على البلاد كان لها الأثر الأكبر بالإضافة إلى العقوبات الدولية التي طالت أغلب قطاعات الدولة وآخرها ما سمي بقانون (قيصر) المشؤوم، وهذه الأمور بحد ذاتها كفيلة بأن تضع حدّاً لأي نشاط سياحي خارجي أو ديني عبر زيارة الأماكن المقدّسة، عداك عن معاقبة حلقة الوصل وهي قطاع الطيران والمطارات وإغلاق المعابر مع بلدان الجوار وتقييد عدد كبير من حركات الأشخاص والكيانات الأخرى.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار