الوحدة: 11- 1- 2021
تفاءلوا بالخير تجدوه، توسّمنا خيراً مع بداية سنة جديدة قد تكون أفضل من تلك التي مضت وذهبت معها أحوالاً ومواقف لا نُحسد عليها، وأغلبها على صعيد الاقتصاد المنزلي، فقد كان الضغط على كاهل الجميع من دون شفقة أو رحمة، ولكن نحن كمجتمع عربي شرقي أصيل مشبع بالعادات والتقاليد نضع نُصب أعيننا وعقولنا نكهة التفاؤل بالقادم من الأيام توسّماً بأجدادنا القدامى وتفاؤلهم بالخير بأحلك الأوقات الصعبة، لكن أن يبدأ عامنا الجديد بشدّة وقسوة وخاصة على وقود ومقدرات حياة العائلة واستمراريتها وهي الخبز ، واستنزاف يوماً كاملاً في التسكّع بين الأفران للحصول على ربطة الخبز وبالنهاية قدّر الله لنا أن نستعين بلبنان الجار وفرنه القابع بمشروع الادّخار السكني، حيث لا يمكن لأي عائلة تعدادها أكثر من شخصين أن تكتفي بربطة خبز واحدة من ذلك الخبز لوقعة واحدة، حيث يُهضم كالخيال وهو يشبه السكر المحروق الذي كنّا نتناوله في صغرنا ( غزل البنات )، وهذا المخبز اللبناني أصبح بفترة وجيزة أشهر من نار على علم، وقد أضاف إلى خبزه نكهات أخرى من الحلويات، وبات مقصداً لتلك الطبقة الموغلة بعسل وترف الحياة، حيث كان وقوعي في شرك ذلك الفرن درساً كبيراً لي ولمن تسوّل له نفسه الدخول إليه، فأي شخص عادي هو على قدرة وثقة كاملة بتناول ربطة أو اثنتين في صحن شنكليش مطفّى بالزيت مع بعض المقبلات الأخرى كالبصل والفجل، وبذلك وقعنا في الشرك الأول من السنة الجديدة واستمرارية الأزمة على المخابز.
أما المفاجأة والصدمة الأخرى التي لا تقلّ عن سابقتها فهي رحلة السهر والانتظار على محطات الوقود ( البنزين )، حيث بدأت في تمام الساعة الثالثة والنصف فجراً، علماً أن وصولي إلى كازية الشاطئ النشيطة وهي مقصدي كان بجانب مول تلك المنطقة الشهير وهنا بدأ يكتمل العقد الطويل من السيارات وبدأت قوافل الواصلين تتتالى حتى اختفت نهايتهم عن ناظريّ عند الصباح وشروق الشمس، وبدأنا نعدّ الساعات بنظرات خجولة من شدّة النعاس، وعند حوالي الثانية عشر ظهراً ظهر ذلك الصهريج المحمّل بالأمنيات إلى أن تمت عملية التعبئة بوجود عناصر أمنية في تمام الساعة الثانية والنصف ظهراً، وبذلك خرج هذا النهار من فوضى الحركات الأخرى تاركاً خلفه قصصاً طويلة من متاعب تأمين احتياجات المنزل من الطعام والخبز وغيره، وكلّ ذلك لم يُنسينا ذُلّ الحصول على مازوت التدفئة وفقدان الأمل بالحصول عليه، من خلال سوء التعامل والتوزيع، ومع ذلك كله الأمل كبير ومستمر إلى أن تنجلي تلك الغيوم عن كاهل المواطن ويعود نبض الحياة يتدفّق بالعروق من جديد وتنبعث روائح الخير على كامل ترابنا السوري الأصيل، فالخير موجود وأصحابه كُثر والنية الطيبة عند القيادة موجودة وبقوة لتحسين وضع الوطن والمواطن.
سليمان حسين