جعلوها تترك المدرسة باكراً… بنان علي عيزوقي: العلم والتحدّي يصنعان الحياة والنّجاح

الوحدة: 11- 1- 2021

 

أصبحت الآنسة بنان علي عيزوقي، ابنة قرية (كفريّة) بريف طرطوس بين ليلة وضحاها مضرب مثل بالجدّ والنّجاح، رغم أنّها تركت مدرستها بمرحلة مبكّرة، وهي على قناعة بأنّه لو أتيحت لها فرصة التعليم لكانت حصلت على شهادات عالية، صعب جداً أن يفوت قطار العلم والدراسة أحدنا، ويكون الأوان قد فات، لكنّ الآنسة بنان استطاعت تعويض ما فقدته بجدّ واجتهاد نادرين يحسدها عليهما أترابها، وهي ترغب أن تتابع مسيرة الدّراسة حتى لو كانت بمعاهد أو مدارس خاصّة.

تقول بنان في ردّها على تساؤلات (الوحدة) إنها تركت المدرسة لظروف خاصة، ولم تكمل دراستها ووصلت حتى الصّف الخامس فقط، فيما بعد وقعت فريسة للفراغ، وتضيف: كان الفراغ كبيراً بحياتي، فهل أستسلم له؟ ثم سمعت إشاعة تقول إن شهادة الصف السادس قد ألغيت، فاتّجهت إلى دائرة الامتحانات لأطمئن إن كان بوسعي إكمال الدراسة، وهناك دلّوني على معهد الثقافة الشعبية ودرست فيه، وفيما بعد تقدّمت للصّف السادس بمفردي وحصلت على 81 علامة من 100، ثمّ تكوّنت عندي قناعة وهي أن  أي مصلحة أو حرفة تكفيني الحاجة وأستطيع  قتل الفراغ الذي كنت أعاني منه، بدأتُ مرحلة مثمرة و جميلة و طويلة من التّعلّم، صناعة الخيزران والرّسم على الزجاج وصنع الحقائب الجلدية والجزادين وكذلك تعلّمت شغل الصوف، كنت خلال تلك البدايات قد شاركت في معارض خيرية على مستوى القرية (كفريّة) لمدة أربع سنوات وبعد ذلك تعلمت بمفردي -دون دورة- صناعة الإكسسورات النسائية التزيينية.

 

تقول بنان: تبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة فقد  انتسبت لجمعية خيرية (جمعية المرأة الذكية) التي كان لها أكبر الفضل بمساعدتي فتعلّمت دورات الكمبيوتر وحصلت على ال ICDL ودرست في معهد لغات في طرطوس وتعلمت اللغة الإنكليزية من نقطة الصّفر ووصلت للمرحلة الثانية، تذكّرنا بنان أنه لم يكن هناك لغة إنكليزية في المرحلة الابتدائية حين كانت طالبة، وبدأت أحصد النّجاح، لقد أصبحت أتّقن الكثير من المهارات، شاركت بمهرجانات ومعارض كثيرة على مستوى محافظة طرطوس وغيرها، من مشاركاتي: مهرجان الزهور، مهرجان أهلاً طرطوس، مهرجان أوكيتو، مهرجان التراث السوري، معرض منتجات المرأة الريفية و معرض (المرأة الذكية)، هذه المعارض في مدينة طرطوس، وشاركت في مهرجان (سلمية بتجمعنا) بريف حماة، وشاركت كذلك في (معرض دمشق الدولي) وآخر معارضي كانت في محافظة حمص في عام 2020 الماضي، كما أنني عضو في اتحاد الحرفيين منذ 2008.

تضيف بنان: وبعد أن حدث ما حدث من حجر صحّي بسبب الكورونا قررت فتح مشروع صغير، يعتمد على الأنترنت من خلال موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) حيث أنشأت صفحة (سوق ضيعتنا) كانت بمثابة سوق إلكتروني، لأنّ الجميع يجلس في بيته يتصفّح الأنترنت ويبحث عن حاجاته واهتماماته، كان هدفي الرئيس مساعدة ربّات المنزل في ريفنا المعطاء بتسويق منتجاتهم الغذائية، كل ربّة منزل بحاجة لمصروف من أجل لقمة العيش ويمكنها أن تشتغل ضمن منزلها وتبعث ما أنتجته لكي أسوّقه لها و تستلم ثمن تعبها، لقد لاقت تجربتي هذه  نجاحاً كبيراً من كلّ الجهات، اعتمدت على الثقة المتبادلة والتعاون والتفاهم والمواصفات الممتازة، وتتطور التجربة إذ صرت أعتمد أيضاً على نفسي بالإنتاج فصنعت مربّيات التين والجذر.

وبدأت مؤخّراً بطباعة مطربانات خاصة لكلّ منتج تحمل ماركة مسجّلة ومواصفات كلّ سلعة، آمل أن تنال ثقة الجميع فهي من أجود الأصناف الأولية وأنا أراقبها وأحرص على جودتها.

 

ماذا تريد بنان؟

أمنياتي للعام 2021  أن تدوم الصحة للجميع وأن تنخفض الأسعار كما أتمنى زوال المحنة وأن يعم الخير والأمان بلدنا الحبيب.

ختاماً

نتمنى أن نستفيد من تجربة بنان والتصدّي للظروف المعيشية الصّعبة من خلال خلق الفرص المناسبة وعدم الاستسلام للفراغ وتضييع الوقت بدون عمل منتج، فالمتعة هي بالعمل والعطاء وزرع الخير والفائدة بين الناس، فلا نقف عاجزين، ولا نستسلم.

أحمد كريم منصور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار