الطريق إلى جهنم مفروش بـ (النيّات) الحسنة

الوحدة: 4- 1- 2021

 

أصدر السيد محافظ اللاذقية قبل أيام توجيهاً شفهياً للمسؤولين عن توزيع المشتقات النفطية بعدم انتظار وصول طلبات البنزين الى المحطات للبدء بعملية البيع، أي أن يُسمح لأي محطة وقود ببدء البيع من الاحتياطي في صباح اليوم المخصص لوصول طلب البنزين منعاً للازدحام الذي يحصل أمام المحطات نتيجة تأخر وصول الصهاريج من مستودعات سادكوب في كثير من الأحيان.

التوجيه جيد من حيث الجوهر، ويصب في مصلحة المواطن لجهة عدم انتظاره لساعات قبل الحصول على مخصصاته، ولكن هذا التوجيه كان بحاجة الى إيضاحات وشروحات إضافية، فقد ترك ثغرات في كيفية التطبيق، وضبابية في فهمه من قبل المواطنين، وسنضرب أمثلة على ذلك.

عندما تبدأ عملية التعبئة منذ الصباح، قد ينفذ احتياطي المحطة قبل وصول طلب البنزين، وعند وصول الطلب أمام مرأى الناس، سينتهي بسرعة لأن المحطة ستعوض الاحتياطي أولاً، ومن ثم ستبيع بقية الطلب، وهنا سيشعر المواطن بأن تلاعباً ما قد حصل، وسيتساءل كيف انتهى الطلب بهذه السرعة، ولن يهتم للآلية التي جرت على أساسها عملية البيع بعد توجيه السيد المحافظ، وبالتالي ستكثر الشكاوى، وسيزداد الشعور بالغبن، وبالتأكيد، يعرف عناصر الرقابة عما نتحدث، ولا شك بأنهم لاحظوا أن عدد المشتكين قد ازداد في اليومين الماضية لناحية تشكيكهم بانتهاء طلب البنزين بهذه السرعة، أليس كذلك؟.

الثغرة الثانية في التعاطي مع هذا التوجيه هي على الشكل التالي(معلومات):

عند صدور رقم الطلب وفاتورة (الصهريج)، يستطيع صاحب المحطة إدخال الكمية المرسلة إلى جهازه، وفي الحال، يبدأ الجهاز بقراءة أي بطاقة متاحة، مما يمكنه من قطع الكمية مخصصات المواطنين قبل وصول المادة إلى خزانات المحطة.

حسناً، إذا باعت المحطة كل الاحتياطي قبل وصول الطلب المخصص لها، لن يقف الجهاز عن القراءة لأن الكمية المدخلة تعادل ضعفي الاحتياطي (تقريباً) إذا كان نصف طلب، وثلاثة أضعافه إذا كان طلباً كاملاً، في هذه الحالة ستنفذ المادة من الخزانات، ولكنها ستبقى متوفرة على الجهاز، فكيف ستقنع المواطن المنتظر بأن المادة نفذت؟، وكيف ستُرفض شكواه في هذه الحالة؟، فهو إن لم يقتنع (ولن يقتنع)، سيكون له الحق بالشكوى، وستكون شكواه قانونية، لأن نقاط المراقبة تعرف أن الكمية لم تنته على الجهاز، وبناء عليه يحق لها اتخاذ إجراء أو عقوبة بحق المحطة، فهي تعمل هنا وفق القانون، والتوجيه لا يلغي القانون (إن لم يقونن).

هناك جزئية أخرى غير محسوبة، فنحن نعلم أن توفر المشتقات النفطية يخضع لعوامل مستجدة، وقد نعاني فجأة من نقص في المادة كما حصل في اليومين الماضيين عندما صدرت نشرة سادكوب ليومي الخميس والسبت الفائتين، ومن دون سابق انذار تم الغاء العديد من الطلبات لأسباب مجهولة، فكيف سيصدق المواطن أن المحطة التي ورد اسمها في النشرة لم تتلق مخصصاتها؟، وكيف سيقتنع المواطن أن المشكلة من المصدر وليس من المحطة؟.

خلاصة الكلام..

على الذين يقدمون اقتراحات للجهة الأعلى منهم مسؤولية، أن يحيطونهم علماً بكل الثغرات والتفاصيل الجانبية، كي يخرج أي توجيه أو قرار بشكله الأمثل، فالمقصود من الإجراءات الاستثنائية هو إراحة المجتمع، لا إدخاله في دهاليز وحسابات ليس بحاجة لها.

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار