عام جديد وأمل بحياة أفضل.. وهذه أفراح سهراتنا وتلك سهرات حفلاتهم بوجود COVID-19

الوحدة 29-12-2020 

 

بدأ العدّ التنازلي لنهاية هذا العام القاتم الأسود، الأكثر مرارة على المستوى المحلّي والعالمي أيضاً، عام لا يمكن لأحد إعطاؤه حقه في الوصف والتصنيف، لأن أغلب أيامه كانت ذكرى قاسية يتطلب النوم لفترة طويلة للتمكن من نسيانها نذكر منها ارتفاعات غير مسبوقة بالأسعار كافة، الوقوف لساعات للحصول على ما قدّرته البطاقة الذكية من الخبز والمواد المقنّنة، ثم بطش التقنين الكهربائي وبالتالي قلّة المياه، ثم نصل لأيام كانت الأثقل وهي فترات قسوة الحرائق على بقاع متعدّدة من طبيعة البلاد وغيره من الأيام ذات الأثر الباهت، وعلى أغلب الظن فإن لحظات الحالة السلبية التشاؤمية هي المسيطرة والمتنامية على عقول ومشاعر أغلب الناس تماشياً مع تلك الأحداث، على المستوى العالمي كانت كوارث العام المنصرم كبيرة وكثيرة فاقت ما خرّبت الحروب ببني البشر، فمنذ بدايته استمرت سيطرت وباء الكورونا (COVID-19) فأخذت مجتمعات العالم بأكمله تخصّص على شاشات تلفزتها شريط بلون الكورونا لمتابعة مستجداته لحظة بلحظة، سواء كانت تلفزة حكومية أو خاصة وهذا طبعاً لأن الوباء اللعين بدأ يسحب أرواح الجميع بدون تفرقة، بدأ يأخذ أحباب ومحبين قادة وأطباء وأساتذة جامعات ومسؤولين من جميع الاختصاصات، الموت موجود بجانب الجميع هو كالظّل يلاحق الجميع وفي جميع دول العالم، والحديث عن الوفيات وإحصائيات الأموات هي وليدة كل لحظة، لا أحد يمكنه ضمان بقائه بين الأحياء ولو للحظة واحدة، فالتكهنات والتوقعات ومخابر العالم أجمع بدأت تبحث عن بارقة أمل لإيجاد علاج يمكنه إيقاف زحف الموت إلى المجتمعات كافة سواء كانت مجتمعات فقيرة أم غنية متحضرة، وكل ذلك وما يحصل نحن على قناعة ويقين أن حياتنا ووجودنا بين الأحياء هي بيد باريها رب العالمين، لكن ونحن بدأنا نتلمس الموت من قسوة الحياة.

 وبغض النظر عن هذا الألم العام المسيطر على جميع المجتمعات وعلى المقلب الثاني نحن جميعاً مقبلون على دفعة مهمة من الأعياد الجماعية وأهمها الاحتفال برأس السنة، حيث أن جميع دول العالم تمارس طقوسها واحتفالاتها بهذا اليوم، وبدورنا كمجتمع شرقي تعوّد على الأصالة، هذا اليوم من الصعب أن يمرّ كغيره من الأيام حتى ولو كان الفقر ينخر ويمزّق الجيوب والتقنين الكهربائي يجعلنا وكأننا داخل مغارة علي بابا نتلمس أشياءنا كفاقدي البصر، سيكون يوماً مميزاً لدى العائلات الفقيرة أكثر من المخملية من خلال لمّة الأهل والأقارب والتفنّن بصناعة الطعام ولو بالنذر اليسير وكل حسب طاقته، فالعائلات المتواضعة تعرف كيف تفرح وأين يمكنها أن تجد فرحتها وسعادة أبنائها، أما الطبقة المقابلة المرفّهة معتادة على تصنّع فرحها، فهي على موعد مع السهر خارجاً حيث يتم تخديمها مقابل تقديم المال، وتلك اللحظات قد يطرأ عليها تعديل حكومي بسبب الوباء العالمي وهنا الطامة الكبرى إذا أُقفلت تلك الأمكنة، هذه الفئة من الناس لا تعرف الفرح بين أفرادها، هم معتادون على من يعطيهم جرعة فرح مصطنعة سواء بتقديم ما لذّ وطاب من الأطعمة والمشروبات والتباهي بحجم الطاولات أو الخروج إلى ساحة المطعم لتقديم الدعم المادي والمعنوي لمطرب محلي أو خارجي بدأ يلقي التحيات بحرفية مع التسابق لأخذ الصور التذكارية والسيلفي معه، لذلك نجد أن الفقير هو الأكثر دراية بتقديم وصناعة الفرح، لكن مع الأسف بدأ العوز المادي يطرق أبواب طبقة كبيرة من الناس، وفي ظل هذه الأوضاع وضغط المعيشة وغلاء مستلزمات ومقومات الحياة الويل ثم الويل لمن يداهمه أي نوع من الأمراض لا سمح الله بسبب غلاء أسعار الأدوية بدون استثناء، حيث هربت جميع الحلول عن هذه المعضلة، وأصبح الدواء كسلعة عادية قد لا يتجرّعه إلا أصحاب الأموال، وفي ظلّ تلك الأوقات العصيبة لا بد من أن تتضافر جهود الجميع والتحرّك السريع لمجابهة آفة الفقر الذي أخذ يتسابق مع الكورونا والتعامل معه بقسوة شديدة ورمي ذيوله عن كاهل الناس لتعود بارقة الفرح بالحياة تنمو من جديد بين أفئدة تحمّلت الكثير من المتاعب الشاقة ونسيان تلك العشر سنين التي خرجت متألّمة من سلّم جميع الأعمار، وهذه البارقة بدأت بالظهور وبدأت خيبات الأمل تتلاشى متأملة قدوم عام أفضل بفضل مكرمة ربّان البلاد وسيدها، وإحساسه بوجع القسم الأكبر من المواطنين وذوي الدخل المحدود، حيث أشعلت هذه المكرمة قناديل الأمل في نفوس تترقب زوال الغيوم السوداء، حيث طال الانتظار والترقّب ليكون القادم من الأيام أفضل على جميع الصُعد وتعود البسمة والطاقة الإيجابية تخيّم فوق كامل تراب أرض سوريتنا.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار