الوحدة 29-12-2020
يقولون: وُلد فلان وفي فمه ملعقة من ذهب, وآخر وُلد وفي حلقومه شوكة من عوسج.
ولأنني ولدت والعوسج, ترعرعنا معاً، كبرنا معاً, هرمت أنا, و ظل هو فتياً.
لم يخطر ببالي يوماً أني سأصاب بداء الملوك (النقرس) لأن هذا الداء موقوف على اللاحمين, و أنا نباتي بالإكراه.
كان ذلك لأيام ماضيات، حيث أفقت صباحاً لأجد أني عاجز عن أن أطئ الأرض بقدمي اليسرى, تلمستها, ثمة وجع في إصبعي الكبرى, عاينتها, هناك احمرار متوضع على الإبهام ممتد إلى الأعلى قليلاً وثمة ورم بائن؟
عدت بذاكرتي إلى الوراء يوم تعثرت بأرضية النفق الجامعي وأنا أعبره باتجاه مقر جريدتنا الوحدة، قلت: هو التواء لا أكثر, وأسرعت إلى صيدليتي العامرة بكل أنواع الأدوية فلقد ابتلاني الله بأنواع من المنغصات, لكن ما لدي لم يفدني بشيء.
وذات صباح أفاقتني ابنتي الكبرى لتقول: صديقك الدكتور في الباب يطلب لقاءك, نهضت أعرج على قدم واحدة, ألقيت تحية الصباح ودعوته للجلوس.
قال ما بك؟ أحببت أن أشرب قهوتي وإياك، ما بك؟
قلت: هو التواء لا أكثر.
قال: أرني.. وما كاد يرى إصبعي حتى ضحك وقال: سامحك الله كم رجوتك التخفيف من أكل اللحم، أنت مصاب بالنقرس (داء الملوك) واعترتني عزة لم أعهدها من قبل.
قلت: أتمزح يا صديقي؟
قال : لا والله , خفف اللحم و استعض بالبقوليات , ثم كتب لي على وصفة و قال :دعنا نشرب قهوتنا .
قلت : وماذا عن اللحم ؟
قال ” لا أحبذه , استعض عنه بالسمك , و قبل أن أتكلم , قال هناك سمك رخيص الثمن . ثلاثة آلاف للكيلو .” بيمشي الحال “
ثم تابع , أين القهوة , لا أحب إطالة انتظار مرضاي في العيادة ,
مرضى لا يعانون من النقرس أبداً .
سيف الدين راعي