الأنف والأذن والحنجرة… وأمراض الشتاء

الوحدة 29-12-2020  

 

يعد الأنف والأذن والحنجرة والجيوب الأنفية من أكثر مناطق الجسم تأثر بتقلبات درجات الحرارة وخاصة في أثناء موسم الشتاء حيث تصبح عرضة للفيروسات وأنواع مختلفة من البكتريا شاءت أنظمتها الحياتية أن تنشط شتاء ولأن واجبات هذه الأجهزة محددة بوظائف معينة مثل السمع والشم والبلع والتنفس إضافة إلى حفظ توازن الجسم الذي تضطلع به الأذن الداخلية فإن أي خلل فيها يؤدي إلى إرباك جميع وظائف الجسم بشكل أو بآخر و لعل من المفيد حقاً الانتباه إلى وجود صلة دائمة واتصال لا ينقطع بين هذه الأجهزة الثلاثة لذا فقد خصها الطب الحديث ببحث يعالج ما يعتريها من أمراض أطلق عليه طب الأنف والأذن والحنجرة وتتصل هذه الأجهزة مباشرة بالعالم الخارجي وتقع عليها مهمة التصدي لأي ميكروب فيروساً كان أم بكتيريا فقد يتسرب عبر الماء أو الطعام أو الهواء.

وهي تتعرض باستمرار لمسببات التلوث البيئي من غبار أو جزيئات ملوثة لذا فهي شديدة الحساسية فالبطانة المشتركة فيها عبارة عن أنسجة مخاطية رخوة صممت خصيصاً لأداء مهمة التنقية.

وهنا يجدر بنا التأكيد أن هذه البطانة تمتد بمثابة نسيج واحد يتصل مع الأجهزة الثلاثة لذا فإن أي طارئ يصيب هذه البطانة في أي من هذه الأجهزة سيؤثر فيها جميعاً وكمثال على ذلك فإن مجاري التنفس بطنت بخلايا رخوة متخصصة تتولى إفراز مادة مخاطية وسائل لزج القوام حتى يتثنى اصطياد دقائق الغبار والملوثات والجراثيم كما أن وجود الأهداب الطاردة يلعب دوراً أساسياً في التخلص من هذه المواد الضارة حيث تعمل عمل الأحزمة الناقلة وهي شديدة الحساسية لكل جزيء أو دقيقة غريبة عن بنية الجسم ويحتوي السائل المخاطي سواء ذلك الموجود في الأنف أو المجاري التنفسية اعتباراً من الحنجرة على جزء كبير من أجهزة النظام المناعي الذي يتولى إفراز مضادات الأجسام وهي عبارة عن بروتينات ذات ردة فعل دفاعية.

وهكذا تكمن علاقة الشتاء بالأنف والأذن والحنجرة حيث أن برودة الطقس وتقلب درجات الحرارة يؤثران في عمل هذه الآليات ويؤدي تيار الهواء البارد والرطوبة إلى احتقان البطانة المخاطية في الجهاز التنفسي فيتراجع نشاطها المناعي الأمر الذي يؤدي إلى تسرب الفيروسات والبكتيريا وبالتالي حدوث الالتهاب التي قد تتسرب من الأنف إلى الحنجرة أو بالعكس حتى الأذن.

ولهذا تقوم التجاويف الأنفية في أثناء موسم الشتاء بجهد كبير في محاربة الميكروبات وتعمل على رفع درجة حرارة الهواء الذي يصل إلى الرئتين كي لا تصاب القصبات والرئتان بالبرد كما ترفع من رطوبة الهواء تحاشياً لأي جفاف يصيب الجهاز التنفسي وبطانته المخاطية ويعد العطاس الناجم عن تأثر هذه التجاويف أول إشارة على بدء العدوى وهو رد فعل طبيعي يعمل على طرد الجراثيم بعيداً عن الجسم بتيار هوائي شديد يمثله العطاس كما قد تتحرك اليد باتجاه الفم بحركة لا إرادية لحماية الجهاز التنفسي وعلى الرغم من وجود جميع هذه الوسائل إلا أن الأنف يكون أول الأجهزة التي تتأثر بالعدوى وقد لا يمكنه التخلص من الجراثيم والغبار بسهولة خاصة إذا تعلق الأمر بفيروس صعب المراس يتخصص في مهاجمة الأنف وجيوبه.

 وهنا تبدأ حالة الزكام التي تأخذ عادة فترة حضانة يتكاثر خلالها الفيروس ولا تتجاوز عادة 3 أيام عندها تصاب التجاويف بالتهاب بسيط تتصاعد وتيرته خلال فترة وجيزة ليصل إلى الجيوب الأنفية لتبدأ معاناة المصاب مع الصداع والآلام الحادة والجيوب عبارة عن تجاويف في عظام الجمجمة أعلى الأنف وتتمثل وظيفتها في تعزيز توازن الرأس وتلعب دوراً بارزاً في ترخيم الصوت والتلاعب بطبقاته لخدمة الخطاب ومستويات حدته وتأثيره في المستمع وغالباً ما يتأثر ذلك الجزء الجبهي  من الجيوب  إضافة إلى جزء مرتبط بالفك العلوي ومن هنا فإنّ أي التهاب فيها يؤدي إلى آلام وشعور بالضغط الشديد.

 أمّا التهاب الجيب العميق الموجود داخل الجمجمة فيؤدي إلى صداع خلف الرأس وعدم القدرة على حفظ التوازن أو تقديم الرأس إلى الأمام ويتوجب الخضوع لعلاجات سريعة من التهاب الجيوب لأنّ استفحال الحالة قد يؤدي إلى الإصابة بالتهاب السحايا.

 أمّا الحالات البسيطة فيصاحبها صداع وانغلاق في مجرى الأنف وجفاف الفم بسبب الاعتماد عليه فقط لاستنشاق الهواء إضافة إلى أوجاع في الجبهة وأعلى الأنف وقبل كل شيء ينبغي إزالة أسباب انغلاق الأنف باستخدام مواد صيدلانية سائلة أو تؤخذ عن طريق الشم أو مضادات حيوية حتى تزول الأعراض بعد فترة وجيزة.

 وترتبط الحنجرة بالأذن والأنف لذا فإنّ أي التهاب يصيبها سيؤثر سلباً في الحنجرة وحبالها الصوتية وما يليها من بلعوم وقصبات هوائية وتكون عرضة على الدوام لهجمات الميكروبات والملوثات لذا فإن البلعوم واللوزتين تكونان أول الأجزاء التي تتأثر بهذه العوامل.

 ويعرف الطبيب ما يصيب هذا الجزء من التهاب عند اكتشاف شدة احمرار الحلق وهناك نوعان من هذه الإصابة وهما التهاب الحلق الأحمر والتهاب الحلق الأبيض وينجمان عن فيروس (زوتا) وخلال فترة الالتهاب يشعر المصاب بتنميل داخل تجويف الحنجرة مع صعوبة بلع الطعام أو شرب السوائل إضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة والشعور بقشعريرة وصداع وإرهاق مستمرين ويمكن علاج الحالة والتغلب على أعراضها بمضادات الالتهاب والعقاقير الخافضة للحرارة والمسكنة للآلام ويدرك الأطباء التأثير السلبي لبرودة الجو في الأذن الوسطى وفي القناة السمعية تحديداً وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة كأن ينتقل التهاب الزكام إلى بطانة هذه القناة وخاصة عند الأطفال حيث يتكون الصديد أو الخراج وما يصاحبه من ألم شديد وارتفاع في درجة حرارة الجسم تصل حتى 39 درجة مئوية وهي حالة ناجمة عن أسباب فيروسية أو بكتيرية ما يحتم العلاج بالمضادات الحيوية ومسكنات الألم أو مضادات الالتهاب.

 لكن المشكلة الرئيسية في مثل هذه الأمراض تأتي من مقاومة الجراثيم للمضادات وعدم تأثرها بها من هنا فقد يصدر عن الأذن سائل صديدي وحرارة لا يمكن خفضها بسهولة أو انتفاخ خلف الأذن ما يستوجب التدخل المباشر للطبيب أو حتى إدخال المصاب إلى المشفى.

لمي معروف

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار