شجرة لعيد الميلاد أقلها بمائة ألف

الوحدة 29-12-2020  

 

يكاد لا يفتقد بيت أي أحد فينا من شجرة الميلاد احتفاء بسنة جديدة وخصوصاً من كان لديه أولاد صغار، وحتى في المحلات التجارية والسوبرماركت وزينة العيد تلفها كما الأضواء والألوان بأحجام وأطوال ولكن أسعارها لهيب وحريق على الجيوب يأتي هذا العام كما كل شيء فيه، فقد وصل سعرها 85 ألف ليرة ودون زينة .أما تزيينها يكلّف ما فوق ذلك بكثير ألوف مؤلفة حتى على ( الطبليات) والعربات ومحلات الجملة فكيف هي عند أهلها في حي الأميركان ومحلات خمس نجوم ونجمة، وترى الأولاد في السوق منكبين على اختيار الألعاب وزينة الشجرة (بابا نويل صغير بطول عقلة الإصبع بألف ومئتين ، نجوم بألف وخمسمائة وأجراس بثلاثة , هدايا مغلّفة  صغيرة بورق السلوفان (نقي واستحلي) كما غيرها وكرات صغيرة بستة آلاف وكبيرة مختلفة الحجم واللون ذهبية وفضية الواحدة منها بألفين وغيرها الكثير وقد أضيف عليها وألصق بها هذا العام ألعاب صغيرة مثل ميكي ماوس ورجل الثلج و ليتضاعف السعر بمكيال ..

والأم ترفعهم وتجرهم للوراء منهم من يبكي ويقف صامداً بلا حراك أمام العربة وآخر يبدي انزعاجه بالصراخ، فتسكنهم والدتهم بالوعود بعد أن انكبت نظرات الناس في الشارع عليهم, لينطلقوا بخطواتهم باحثين من جديد  ويلفون السوق ليقضوا يومهم على بضع كرات صغيرة وكرة كبيرة ونجمة وبابا نويل بكيس صغير تجاوز ثمن ما فيه عشرات الآلاف, ولا تكفي شجرة العيد ولو كانت بأصغر حجم وقياس صنوبر عشرة آلاف وسرو خمسة آلاف بطول قدمين أما المتر فيتراوح ثمنها ما بين (20_35) ألف ليرة وشجرة بطول المترين ( 60_85 )ألف ليرة هذا ونحن في شارع هنانو ولم ندخل بأبواب المحلات بل في الطريق .

وفي ساحة الشيخضاهر لفت انتباهنا شابة تقف بجانب عربة وتسوم شجرة من البلاستيك فقيرة بالثمار والزينة التي علقت عليها طابتين صغيرتين وجرسين وبابا نويل بعشرة آلاف, وتقول جيد رخيصة لكن (ما بتعبي العين ) ولانظرة بطرفها هزيلة الطلعة وضئيلة الحجم وصغيرة كعقلة الأصبع ولا ترضي أي من الأولاد، وتحتاج ركيزة لترفعها في فضاء البيت لتراها كما تحتاج لكثير من الألوان والألعاب والزينة وباقي أشكال الجمال والماكياج لتبدو حلوة في عيون الأولاد, حتى أن الجيب لم يعد فيه ثمنها فتحضيرات رأس السنة قضت على الراتب من أول يوم نالته بيدها اليمين لتنفقه ياليسار, وهو ما كانت تتمتم به وهي تنسحب تجر خيباتها في شجرة عيد .

أما ماذا فعلت أم حمزة لتحضر لولدها شجرة عيد الميلاد تقول وهي تضحك : لم أكن أعلم أن ما فعلته سيأتي علي بالمشاكل, بعد أن اصطدمت بسعر الشجرات الصناعية في السوق، قررت أن أحضر شجرة من البرية وأنا أسكن بين البساتين التي تضج بالليمون ويسيجها شجر السرو لكن أرضنا تفتقر لذلك وليس فيها أي سرو أو صنوبر وقطع الصنوبر يحاسب القانون عليه, وكنت قد جلست في شرفة البيت عند الصباح لأشرب قهوتي فانتبهت لبستان جاري المسور بالسرو ودون وعي مني ولا طلب الأذن منه قصصت إحدى الشجيرات, وهممت بها إلى البيت, لكن جارنا لم يهن الأمر عليه فلامني على فعلتي واشتكى مني لزوجي بعد كلام فيه لوم وتجريح وقد مضى أسبوع وجارنا لا يلقي التحية علينا وزوجي (ع الطالع والنازل) يلومني وينهرني على فعلتي ( سودت وجهنا )

و يرفض إسماعيل حاتم ذو العشرة أعوام أن تمر أيام العيد ورأس السنة دون شجرة تزين البيت وأجواء الفرح فيه، ويؤكد أنها لن تكلف والديه شيئاً. فالزينة موجودة وقد احتفظت أمه بها في الخزانة منذ العام الفائت، وفيها كل ما يلزم لصنع شجرة الميلاد, وكان قد اشتراها مع أخته التي تكبره بعام منذ كان صغيراً بصف الأول وقتها كانت الطابة الصغيرة بمائة ليرة وبابا نويل اللعبة الصغيرة بمئتين والنجمة الكبيرة بمئتين والطابة الكبيرة الحمراء بخمسمائة ليرة ولم تكلفه وقتها غير بضع آلاف قليلة وشريط الإنارة بألف ليرة ويأتي والده بالشجرة من البستان, وهذا العام شجرته أكبر وأجمل من العام الماضي وقد وضع تحتها بعض الألعاب استحضرها من غرفته, وهو متفائل بالعام الجديد ويقول : كل عام وبلدنا وأهلنا بألف خير .

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار