هزّي شجرة العتاب

العدد: 9305

الخميــــــــس 28 شـــباط 2019

 

يا من غرستيني في الحياة بين ماء ونور، و زرعتيني في الطين كبذرة لتقضي عمرها في نمو شجرتها، وتركتِ باب الخطأ مفتوحاً والحيرة قاعدة من قواعد العقل.
وجعلتِ القلب يتألم ويضطرب حتى عندما ألمس كتاباً أعرف فيه قصة حب، أنا كطائر فقد أحد جناحيه ويحاول الطيران بجناح واحد.
ظلمني هجرك بعد ما كنا في انسجام، وضعتيني في ميزان قلبك كي تزيدي مني ما تحبين وتكرهين، أين منّا زمنٌ كنت تريني فيه كوردة دائمة الألق، فأنا كأني شجرة تمر بخريف وقد تعرت أوراقها وأصبحت مؤذية للنظر وكان ما من جمال إلا بعد قبح.
مشكلتي إن الحب يرى الوجه المضيء لا الوجه المظلم ويتغاضى عمّا يكره، ففي الحلم يتجلى الحبيب كما هو داخل نظام عقله وكما هو مستقر في أمانيه.
فلماذا ضاق أفقنا ويبس ما بيننا؟
إني أنصرف إلى شجيرات كنت أخلو إليها لظلها ونضرتها ونسيمها وما فيها وما هو لها، لظني أنها تكتب شيئاً في جدب الهوى أو ترمي بظلها على رمضاء القلب، وكأني في همتي كالذي يحاول أن يجد نساء من شجر:
يا ناعسة الطرف كفى
تيهاً وتيمماً بالنظرات
ضاق بيَّ رحب الحياة
وما نفعت يوماً الدعوات
لا تلمني يوماً يا هذا لهذا
من غير لا نفع لحياتي
هناك من عندي بمنزلة الحب لكن النطق يخونني والعبارات تخنقني فتزيد البيان غموضاً وتحبس شمائل الحب في نفسي، فكل شيء في الحياة له ميزان في العقل وقياس في القلب.
فعندما يعود من نحب من هجر أو غياب نكون كشجرة في فصل الخريف وجاءها الربيع يداعب أغصانها كأنها أطفال صغار:
قلب الحبيب متى تكلم لم تجد
كلاماً بل أذرعاً وشفاه
ألا تعلمين أن طول الانتظار يؤلم وزيادة الشوق تؤلم، فلا تجعلي خيط عمري في إبرتك.
هزّي شجرة العتاب لتتساقط أوراق اللوم ويشوق نجم الغياب.

نديم طالب ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار